توفى إلى رحمة الله تعالى الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد البارى يوم 5 يناير نسألكم الدعاء له بالرحمه والمغفرة

السبت، 1 ديسمبر 2012

الجزء4 - الله.. ثم الطبيعة والحرب والنفس والنصر / أ . د محمد هاشم عبد البارى

بسم الله الرحمن الرحيم

الله.. ثم الطبيعة والحرب والنفس والنصر

الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد البارى

  30 نوفمبر 2012م

^^^^^^^

الجزء الرابع

 

 

معركة عين جالوت

أن من أهم أسباب انهيار الحضارة الإسلامية و انتقالها للغرب هو سقوط دار العلم فى بغداد بيد التتار والمغول.  لم يكن ذلك السقوط ممكناً لولا العمالة والخيانة للتتار من داخل نظام الحكم.  كان الوزير "مؤيد الدين أبا طالب محمد بن علي بن محمد العلقمي" خائنا للخليفة "المستعصم بالله"   أبو أحمد عبد الله بن منصور "المستنصر بالله".  كان "المستعصم بالله" آخر خليفة عباسي في بغداد.   حكم بين عامي  640 الى 656 هجرية (1242 -1258 م) بعد أبيه "المستنصر بالله".   كان الوزير العلقمى خائنا للخليفة الذى استوزره بل كان خائنا للدولة كارها لأهل السنّة عميلا لل "سى آى ايه" فى مملكة التتار.   كان صاحب الدور الأساسى في سقوط بغداد عاصمة الخلافة الإسلامية آنذاك.   جرّ على المسلمين القتل والخراب والذل والهوان بالاتصال  بهولاكو زعيم التتار والمغول وإغرائه بغزو العراق.  هيأ للعدو المغولى التترى هولاكو من الأمور ما يمكّنه من السيطرة والاستيلاء على بغداد.  ما أكثر العلاقمة فى أيامنا هذه؟!  كاتب الوزير العلقمى التتار سرا وأطمعهم في ملك بغداد.  كان يخطط لذلك الأمر وهو بين يدى الخليفة.  أشار على الخليفة المستعصم بتسريح أكبر عدد من قوات الجيش الاسلامى "لتخفيف" الأعباء المالية على الميزانية العامة.  وافقه الخليفة دون أن يفطن الى أنّ اقتراح الوزير كان يستهدف إضعاف جيش الخلافة في مواجهة الغزاة التتار.  تدهورت حالة الجنود اجتماعيا وماديا.  اضطروا إلى الى العمل في جمع القمامة وحمل القاذورات!  انشغلت المصانع الحربية عن التصنيع الحربى بالبيزنيس وانتاج المراوح والحلل والصحون وأدوات المطابخ!

يأبى "العلاقمة" الجدد فى الأقطار الاسلامية العربية ألا يكونوا الا من بين الرؤساء والملوك والأمراء والنخب.  كان ولا يزال بعضهم برتبة ملك أو رئيس دولة مخلوع، وبعضهم بدرجة "أمين عام" لجامعة الدول العربية، وبعض آخر بدرجة مدير الهيئة الدولية للطاقة الذرية.  ما أشبه الليلة بالبارحة!  لقد سقطت بغداد على يد بن العلقمىّ الذى كان وزيرا خائنا للخليفة العباسى.  وسقطت بغداد فى القرن الواحد والعشرين بخيانة علقمىّ جديد كان مديرا عربيا لهيئة الطاقة الذرية الدولية وبتحريض وتمويل من رئيس وأمير عربيين.  ويريد علاقمة من هؤلاء ومعهم أحزاب كارهة للاسلام مدججة بالفنانين والفنانات والرقّاصين والرقّاصات والبلطجية والبلطجيات "يجاهدون" لاسقاط القاهرة أيضا فى براثن العلمانية والتحررية وتسليمها لقمة سائغة شهية لاسرائيل وأمريكا والغرب.

 

في عام 654هجرية 1256م اكتسح التتار كل بلاد الروم،  ثم اجتاح زعيم التتار "هولاكو بن طولوي بن جنكيز خان" بغداد عاصمة الدولة العباسية كالإعصار في صفر من سنة 656هجرية 1285م.  دخلها بجحافله كالوحوش الضارية.

استولى هولاكو خان زعيم التتار على بغداد، وقضى على الخلافة العباسية، التي أدركتها الشيخوخة وظهرت عليها مظاهر الضعف والانهيار.  لقد كانت جذور الضعف والتفكك قد امتدت إلى جسم الخلافة العباسية قبل مجيء المغول بمدة طويلة.  فلقد تفككت الروابط القوية التي كانت تربط الخلافة العباسية بمختلف الأمصار الإسلامية.  نشأت دول عديدة وإمارات مستقلة في قلب الخلافة العباسية وأطرافها.  قتل هولاكو كبراء القوم ووزراء الخليفة وأعيان البلد، وأصحاب الرأي، وفقهاء وعلماء الخلافة العباسية.  قتل ولدان للخليفة أمام عينيه وأسر الثالث كما أسرت أخوات الخليفة.

 

كان هولاكو يستدعي من بغداد بعض الرجال بعينهم وهم الرجال الذين ذكر ابن العلقمي أسماءهم له.  كانوا من علماء السنة.  كان ابن العلقمي يكن لهم كراهية شديدة.  كان هولاكو يأمر رجاله فيذبح العالم كما تذبح الشاة، وتؤخذ نساؤه وأولاده إما للسبي أو للقتل.

أصدر هولاكو أمره لقواته باستباحة بغداد وتدمير كل ما فيها.  خرّبوا المساجد وهدموا القصور بعد أن سلبوا ما بها من تحف نادرة.  أعملوا القتل والنهب وسفك الدماء.  كان عدد القتلى نحو ثمانمائة ألف نفس على أقل تقدير للمؤرخين.  قتّلوا الرجال والشيوخ وقتّلوا النساء إلا من استحسنوه منهن فكانوا يأخذونهن سبياً.

 

قضوْا على الخلافة العباسية وعلى معالم الحضارة الإسلامية بعد أن قتلوا الخليفة "المستعصم بالله" وأفراد أسرته ونخب وأكابر دولته.

دمر هولاكو وقواته المغولية التترية عمران بغداد ومعالمها الحضارية ووسائل الحضارة الإنسانية.  نهبت بغداد ثم جالت قوات المغول والتتار فيها وعاثت فساداً.  قصفوها بالمنجنيقات حتى أصبحت أكثر مساكنها وأسواقها ركاماً.  أشعلوا النيران فى المساجد والجوامع والمدارس والمكتبات.  ظلت النيران تتأجج أياما وليالي طويلة.  نهب المغول كل التراث والمتاع الذي امتلكه الخلفاء العباسيون وأهالي بغداد.  دام القتل والنهب أربعين يوماً حتى أصبحت بغداد في حالة من الدمار والخراب لا تصدقها العيون.

 

استهدف المغول والتتار مكتبة بغداد أعظم مكتبة على وجه الأرض في ذلك الزمان.  كانت تحوي عصارة فكر المسلمين طوال أكثر من ستمائة عام.  جمعت مكتبة بغداد كل العلوم والآداب والفنون والعلوم الشرعية وعلوم الطب والفلك والهندسة والكيمياء والفيزياء والجغرافيا وعلوم الأرض.  ومن العلوم الإنسانية السياسة والاقتصاد والاجتماع والأدب والتاريخ والفلسفة وملايين الأبيات من الشعر وعشرات الآلاف من القصص والنثر.  كانت المكتبة تحوى الترجمات المختلفة لكل العلوم اليونانية و الفارسية و الهندية وغيرها.

 

انّ القائد الوحيد فى العالم الذى قهر التتار وهزمهم شر هزيمة هو سلطان مصر المسلم الغيور "الملك المظفّر سيف الدين قطز بن عبد الله المعزي".  لقد جلس على عرش مصر بعد أن خلع الملك الصبى  "المنصور علي ابن الملك المعز أيبك" (15 سنة) في يوم السبت 17من ذي القعدة سنة 657 هـ - 1259م، بعد أن تفاقم خطر التتار، وأصبحت مصر مهددة بغزوهم الوشيك.  لم يكن ذلك الملك الغلام أهلا لادارة تلك المهمة التاريخية الجسيمة فى حياة الدولة الاسلامية.  لم يخلع "قطز" "الملك المنصور" طمعا فى الملك، وانما للتصدى للغزو التترى ودرء خطرهم الكارثى عن الأمة.

امبراطورية التتار (المغول) الرهيبة التى قامت على القتل وسفك الدماء ودحرتها مصر بقيادة قطز.

تقدم التتار إلى بلاد الجزيرة بعد سقوط بغداد والخلافة العباسية. استولوا على "حرّان" و"الرُّها" و"ديار بكر"  ثم عبروا نهر الفرات.  نزلوا على "حلب" فى الشام.  استولوا عليها.  جرت الدماء في الطرقات والدروب أنهارًا كما تجرى الآن على يد رئيسها ومغتصبها وشبيحته.  وصل التتار إلى "دمشق.  لاذ سلطانها "الناصر يوسف بن أيوب" بالفرار ومعه أكابره ونخبه. دخلوها واستولوا عليها بلا قتال.  عاثوا فيها فسادا.  تقتيلا وسلبا ونهبا وتدميرا.  ثم إلى "نابلس".  ثم إلى "الكرك" ثم الى "بيت المقدس".  تقدموا إلى "غزة" دون أن يلقوا مقاومة تذكر.

كل شعب التتار فوارس حتى اليوم فأعداد خيولهم تفوق أعداد نفوسهم

 كل ذلك كان من دواعى ارتياح ومباركة بابوات وحكام غرب أوروبا الذين اعتبروا التتار حلفاء لهم في قتال المسلمين.  كان ملك فرنسا الصليبى "لويس التاسع" يعمل بدأب على استمالة التتار وتسخير قوتهم المدمرة لضرب الإسلام.  حتى اصطبغ الغزو التترى بالصبغة الصليبية.  أرسل "هولاكو" الى "قطز" رسالة رهيبة بالتهديد والوعيد والأمر بالتسليم مع رسول من رجاله وبرفقته أربعين من أتباعه.  قتّل "قطز" رسول هولاكو ومن معه بعد اتفاقه مع أمراء المماليك.  كان ذلك اشارة الى رفض التهديد والترهيب والاصرار على قتال التتار.  كان ذلك في سنة 658هجرية وأوائل سنة 1260م.  كانوا رجالا وليس أنصاف ولا أشباه الرجال.  نودي في القاهرة والفُسطاط وسائر أقاليم مصر بالخروج إلى الجهاد.  تقدم "قطز" إلى جميع ولاة مصر يحث الأجناد للخروج إلى القتال.  سار بالقوات حتى وصل إلى الصالحية.  كانت الصالحية هى معسكر مصر الكبير في شرق الدلتا.  تكامل حشد القوات.  خرج "قطز" من مصر في جحافل القوات المصرية والشامية في شهر رمضان من سنة 658 هـ - 1260م.  وصل الى مدينه "غزة".  كان في "غزة" قوات التتار بقيادة القائد "بيدر".  كان "بيدر" قد أخبر قائده "كتبجا نوين"، بزحف قوات "قطز".

 

 كان قائد التتار "كتبجا نوين" في سهل "البقاع" بالقرب من مدينة "بعلبك".  أمر "كتبجا" القائد "بيدر" بالتوقف فى مكانه والانتظار.  أخذ "كتبجا" وجهته من فوره جنوبًا باتجاه القوات المصرية.  لكن "قطز" داهم "بيدر" قبل وصول "كتبجا" فخلّص "غزة" من أيدى التتار.  أقام قطز فى غزة يومًا واحدًا ثم غادرها شمالاً صوب قوات التتار.  دفع السلطان "قطز" بطلائع قواته بقيادة الأمير "ركن الدين بيبرس البندقداري" لمناوشة التتار وجسّ قواتهم واستطلاع تفصيلات تنظيمهم وتسليحهم وقيادتهم. تلاقى الأمير "بيبرس" بطلائع قوات التتار في "عين جالوت" بين "بيسان" و"نابلس" في "غور الأردن".  ناوش "بيبرس" التتار حتى لحق به السلطان "قطز" على رأس القوات الأصلية من جيشه.  نشبت بين الجيشين المتقابلين المعركة التاريخية الفاصلة  في يوم الجمعة 25 رمضان سنة 658هـ - 6 سبتمبر1260م .  كان التتار يحتلون مرتفعات "عين جالوت". انقضّوا على جيش "قطز" تنفيذا لعقيدة القتال التترية "الحرب الصاعقة" و"المبادأة" التي برع التتار فى ممارستها في حروبهم اعتمادا على سرعة الحركة بالفرسان.  كان القتال ضاريا بين الجانبين و كانت الخسائر فى الأرواح بينهما فادحة.  تمكن التتار من النفاذ بعمق بين قوات المسلمين.  لقد اخترقوا ميسرة "قطز".  انكسرت ميسرته كسرا شديدا.  لم يلبث "قطز" أن حمل بنفسه في طائفة من قواته مسرعا لنجدة الميسرة حتى استعادت مواقعها.

استأنف "قطز" الهجوم المضاد بقوات "القلب" التي كانت بقيادته المباشرة.  كان يتقدم جنوده مرعدا:

 "واإسلاماه.. واإسلاماه"

حمى وطيس المعركة.  اشتد قتال "قطز" وجنوده.  كان يباشر القتال بنفسه فأبلى في ذلك اليوم المشهود فى تاريخ المسلمين أعظم البلاء.  كانت قوات "القلب" مؤلفة من المجاهدين المتطوعين.  انهم هؤلاء الذين خرجوا فى طلب النصر أو الشهادة يدافعون ويدفعون عن الإسلام بإيمانهم.  كان "قطز" يحرّض أصحابه على القتال ويزيّن لهم الموت فى سبيل الله.  لقد كان يضرب لهم المثل والقدوة عمليا بالبذل والتضحية والاستبسال زودا عن حياض الاسلام.  ومع ذلك فقد كان "قطز" يخفى الشطر الأكبر من قواته النظامية المؤلفة من المماليك في شعاب التلال لتوظيفها كمائن.  كان "قطز" يكرّ بالمجاهدين كرّة بعد كرّة حتى خلخل جناح التتار.  هنا برزت قوات المماليك من كمائنها فاستمر هجوم المسلمين على التتار بشراسة وضراوة.

كان قطز أمام جيشه وبين رجاله متصلا بربه يصيح بأعلى صوته:

 "واإسلاماه.. واإسلاماه.. يا الله انصر عبدك قطز على التتار"

 كان سلطانا رجلا قائدا مؤمنا وكان جيشه يتبعه مقتديًا بإقدامه وبسالته.  قتل الفرس الذى يحمل "قطز" من تحته.  كاد القائد المسلم أن يقتل فى المعركة، لولا أن أسعفه أحد فرسانه، فنزل له عن فرسه.

حمل "قطز" برجاله متغلغلاً في صفوف التتار.  أربك صفوفهم. شاع أنّ قائدهم "كتبجا" قد .  ولوا الأدبار لا يلوون على شيء.  سارع المسلمون بمطاردة قوات التتار.  طاردتهم أيضا القوات الاسلامية التى لم تكن من جيش "قطز" حتى دخل "قطز" دمشق في أواخر شهر رمضان المبارك.  استقبله أهل الشام أعظم استقبال.  واصل المسلمون تعقب قوات التتار المندحرة ومطاردتها إلى قرب "حلب".  أدركت قوات التتار أنه قد أحيط بهم فتخلوْا عن أسرى المسلمين، ورموا أولادهم، فتخطفهم الناس.  لقد تجرّع التتار مما كانوا يجرّعونه للأمم التى ذاقت الهزائم والمهانة على أيديهم.

 

إن كل الحسابات العسكرية بالمفهوم الأرضى تجعل النصر بدون أدنى شك إلى جانب التتار.  ولكن الواقع نقض كل تلك الحسابات. فقد انتصر قطز وانهزم التتار.

لقد كانت مملكة التتار قد ألتهمت أكثر من نصف العالم فى ذلك الوقت قبل أن تبدو أمريكا فى الأفق.  كان لقادة التتار تجارب طويلة في الحروب.  وكانت معنويات التتار قادة وجنودًا فى ذروتها لأنهم تقدموا من نصر إلى نصر.  لم تهزم لهم راية من قبل أبدًا.  ولكن معنويات قطز وقواده وجنوده كانت مفعمة بالايمان رغم خروج أكثر القادة إلى القتال كرهًا.

كان التتار قد انتصروا في حرب الأعصاب والحرب النفسية.  كان خطاب هولاكو مع رسوله الى قطز كله تهديد ووعيد.  لم يكن خطابه مغلّفا حتى بالعبارات الدبلوماسية التى تنطوى على التهديد والوعيد.  كان التهديد والوعيد الخطيرين مباشرين وسافرين يستندان الى تاريخ التتار وممارساتهم عندما يقهرون الأمم ويركّعونها أمامهم.  كان خطابا مرعبا لضعاف القلوب ولضعاف الايمان ولمن ينسون الله فينساهم.  هاكم الخطاب:

"من ملك الملوك شرقًا وغربًا القائد الأعظم: باسمك اللهم، باسط الأرض، ورافع السماء، يعلم الملك المظفر قطز الذي هو من جنس المماليك الذين هربوا من سيوفنا إلى هذا الإقليم، يتنعمون بأنعامه، ويقتلون من كان بسلطانه بعد ذلك، يعلم الملك المظفر قطز وسائر أمراء دولته وأهل مملكته بالديار المصرية وما حولها من الأعمال، إنا نحن جند الله في أرضه، خلقنا من سخطه، وسلطنا على مَن حَلَّ به غضبه، فلكم بجميع البلاد معتبر، وعن عزمنا مزدجر، فاتعظوا بغيركم وأسلموا لنا أمركم، قبل أن ينكشف الغطاء، فتندموا ويعود عليكم الخطأ، فنحن ما نرحم من بكى، ولا نرقّ لمن شكر، وقد سمعتم أننا قد فتحنا البلاد، وطهّرنا الأرض من الفساد، وقتلنا معظم العباد، فعليكم بالهرب، وعلينا الطلب، فأي أرض تؤويكم، وأي طريق تنجيكم، وأي بلاد تحميكم؟!  فما لكم من سيوفنا خلاص، ولا من مهابتنا مناص، فخيولنا سوابق، وسهامنا خوارق، وسيوفنا صواعق، وقلوبنا كالجبال، وعددنا كالرمال، فالحصون عندنا لا تمنع، والعساكر لقتالنا لا تنفع، ودعاؤكم علينا لا يُسمع، فإنكم أكلتم الحرام، ولا تعفُّون عند كلام، وخنتم العهود والأيمان، وفشا فيكم العقوق والعصيان، فأبشروا بالمذلة والهوان، فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، فمن طلب حربنا ندم، ومن قصد أماننا سلم، فإن أنتم لشرطنا وأمرنا أطعتم، فلكم ما لنا وعليكم ما علينا، وإن خالفتم هلكتم، فلا تهلكوا نفوسكم بأيديكم، فقد حذّر من أنذر.  وقد ثبت عندكم أنا نحن الكفرة، وقد ثبت عندنا أنكم الفجرة، وقد سَلَّطَنا عليكم من له الأمور المقدّرة، والأحكام المدبرة، فكبيركم عندنا قليل، وعزيزكم عندنا ذليل، فلا تطيلوا الخطاب، وأسرعوا برد الجواب، قبل أن تضرم الحرب نارها، وترمي نحوكم شرارها، فلا تجدون منا جاهاً ولا عزًا، ولا كافيًا ولا حرزًا، وتدهون منا بأعظم داهية، وتصبح بلادكم منكم خالية، فقد أنصفناكم إذ راسلناكم، وأيقظناكم إذ حذرناكم، فما بقي لنا مقصد سواكم، والسلام علينا وعليكم، وعلى من أطاع الهدى، وخشي عواقب الردى، وأطاع الملك الأعلى".

 لم يكن أمر اجتياح التتار لبغداد ببعيد.  لم يقهر جيوش التتار أى قوة من قبل.  كانت جيوشهم هى "الجيوش التى لا تقهر".  كانت الجيوش تنهزم بالخوف وهبوط الروح المعنوية وروح القتال قبل أن تصل اليها قوات التتار.  كان ذلك يؤثر في نتائج قتال أعدائهم أسوأ الأثر.  انّ للروح المعنوية العالية للقادة والقوات فى الجيوش أثر كبير فى احراز النصر على العدو.

كانت كفاية جيوش التتار تتفوق على كفاية جيوش قطز تفوقا كاسحًا.  خاضت جيوشهم معارك كثيرة.  كثرت ممارساتهم القتالية فى الحروب وتعددت وتنوّعت.  كانت تجربتهم العملية على فنون القتال باهرة إلى أبعد الحدود.

كانت جيوش التتار متفوقًة على جيش قطز عَددًا وعُددًا.  كانت أعدادهم تتزايد بمن التحقوا به من الموالين والمرتزقة والصليبيين بعد احتلالهم أرض الشام.

كان جيش التتار يتمتع بعلوّ تدريب فرسانه وتمرّسهم على القتال. وكان تعداد فرسانه هائلا ونسبتهم فى الجيش كبيرة.  كان ذلك ييسر له سرعة الحركة فى اتباع فنون الحرب الصاعقة الخاطفة التي كانت تميّز جيوش التتار.  كان شعب التتار ولا يزال حتى اليوم كلهم فرسانا متمرسون على فنون الفروسية (عدد الخيول فى دولة التتار اليوم أكثر من عدد السكان).

كانت مواضع جيش التتار في عين جالوت أفضل من مواضع جيش قطز.  فقد كانت تلك المواضع محتلة من التتار قبل وصول جيش قطز إلى المنطقة التي كانت تحت سيطرة التتار.  انّ للطبيعة والأرض أثر عظيم في إحراز النصر.

كان جيش التتار متفوقًا على جيش قطز في شئونه الإدارية.  الشئون الادارية كانت الملابس والطعام والمياه والسلاح والدواب وسروجها وأعلافها.  كان جيش التتار يستمدها من قواعده القريبة في أرض الشام التي استولى عليها واستثمر خيراتها.  كانت جيوش التتار تستولى على ممتلكات وخيرات الأمم التى تغزوها وتستخدمها فى القتال.  كانت تستخدم رجال تلك الأمم دروعا بشرية فى حروبها.  بينما كانت قواعد جيش قطز وشئونه الادارية بعيدة عنه.  كان يعتمد على مصر وحدها في إعاشته.  المسافة بين مصر وعين جالوت طويلة.  كانت الشئون الإدارية تنقل على الدواب والجمال مخترقة الصحاري والوديان والقفار.

لقد كانت النتائج المتوقعة بالمنطق الأرضى من هذا التفوق الساحق للتتار هى إحراز التتار النصر وسحق قطز وجيشه أسوة بانتصاراتهم الباهرة على الروم والفرس والعرب والأمم الأخرى في زحفهم المظفّر الطويل.

لكنّ الواقع أنّ الجيش المصري بقيادة قطز هو الذى انتصر على جيش التتار.  كيف حدث ذلك؟

لقد قدّم شيوخ مصر، وعلى رأسهم الشيخ "العزّ بن عبد السلام" إرشاداتهم الاسلامية للسلطان القائد قطز، فلم تأخذه عزّة ولا علمنة ولا لبرلة ولا أمركة فأخذ بها.  نفذها على نفسه وعلى رجاله بكل أمانة وإخلاص.  أمر رجاله بالمعروف ونهاهم عن المنكر.  خرج الجيش من مصر تائبًا منيبًا طاهرًا من الذنوب.

كان على رأس المجاهدين جميع القادرين من "شيوخ" مصر على السفر وحمل السلاح وتحمّل أعباء الجهاد.  لقد ذكّرتنا ظروف حشد قوات قطز لمعركة عين جالوت بما كانت عليه ظروف الاحتشاد لملاقاة الروم فى تبوك بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

لقد كان الشيخ العزّ بن عبد السلام هو "أبو محمد عزّ الدين عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن بن محمد بن مهذّب السُلمي".  مغربيّ الأصل دمشقىّ المولد عام 577 هـ. عاش فى سوريا وبرز في الدعوة والفقه.  وصل العزّ بن عبد السلام إلى مصر سنة 639هـ.  رحّب به الملك الصالح "نجم الدين أيوب" وأكرم مثواه.  ولاّه الخطابة والقضاء فى مصر.  لم يحتج أىّ من الرعيّة ولم يقل أنه شامىّ وليس مصريا.  كان أول ما لاحظه العزّ بعد توليه القضاء قيام الأمراء المماليك، وهم مملوكون لغيرهم، بممارسة البيع والشراء وقبض الأثمان والتزوّج من الحرائر. ذلك ما كان يتعارض في نظره مع الشريعة الإسلامية!!!  انهم في الأصل عبيد لا يحق لهم ما يحق للأحرار. امتنع الشيخ أن يصادق لهم على بيع أو شراء.  تألّبوا عليه وشكوْه إلى الملك الصالح الذي لم تعجبه بدوره فتوى العزّ.  أمره أن يرجع عن فتواه.  لم يأتمر القاضى الشيخ الرجل بأمر الملك الصالح.  طلب من الملك ألا يتدخل في القضاء الذى هو ليس من شأن السلطان.  لم يؤلب الشيوخ على الملك ولم يعتصم فى ميدان التحرير ولم يحيك المؤامرات ولم ينشر الدسائس ولا الأكاذيب ولا الشائعات.  قام الشيخ القاضى المحترم فجمع أمتعته ووضعها علي حماره قائلا "ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها"؟  إشارة منه إلى الآية القرآنية الكريمة.  تجمّع أهل مصر حوله، واستعدّ العلماء والصالحون للرحيل معه!!!  خرج الملك الصالح (الصالح) يترضّاه.  طلب منه أن يعود وينفذ أحكام الشريعة الاسلامية.  اقترح الشيخ العزّ على الأمراء المماليك أن يعقد لهم مجلساً وينادي عليهم "بالبيع" لبيت مال المسلمين!!!  نصحه أحد أبنائه بأن لا يتعرّض لأمراء المماليك خشية بطشهم.  ردّ عليه أبوه الشيخ العزّ بقوله: "أأبوك أقلّ من أن يُقتل في سبيل الله؟".  لقب الشيخ العزّ بن عبد السلام ببائع الأمراء!  هؤلاء هم الشيوخ وهؤلاء هم السلاطين وتلك هى الرعية!  لم يخرج سفيه قائلا انه شيخ مغربى تربى وجاء من الشام.  لقد كانوا مسلمين يعرفون اسلامهم حق المعرفة.  لم يكن الشيخ منتفعا ولا منافقا ولم يكن من رواد نوادى الروتارى ولا المحافل الماسونية فلم تكن ديار الاسلام قد تلوثت بها بعد.  لم يكن عبدا للكرسى متعطشا للمال وصناديق النذور.  لم يكن ولىّ نعمته رئيس ولا أمن دولة يحركونه بالريموت كونترول.  لم تمتد يده لمصافحة العدو التترى ولم يهاجم الحجاب ولا النقاب.  لم يصعد على المنبر صائحا بأن هولاكو أقرب الى الله من قطز!  لم يكن الشيخ محبا للدنيا وناسيا للآخرة.  لم يخرج رويبضة من جحره ينهق ويحذر الناس من "عزعزة" الدولة والحكم على يد الشيخ العزّ بن عبد السلام.  لم يخرج فاسق واحد يهاجم الشريعة الاسلامية طالبا التوافق مع العلمانيين والليبراليين والمثليين والشيوعيين واليساريين واللاشيئيين.  لم تكن تلك الأشكال ولا أمثالها موجودة فى مصر. كان الشعب سليم الفطرة سليم العقل.  لم يكن الشعب فى مصر متبلدا ولا متتنبلا ولم يلوثه شرق ولا غرب ولم يلحس عقله عرى ولا رقص ولا جنس ولا نخبوية ولا متاع ولا استهلاك ولا دعة.  قام الجميع قومة رجل واحد برغم كرههم للقتال.  كّل كان يقوم بواجبه على أكمل وجه.  ابتغاء مرضاة الله ورسوله وحبا حقيقيا للوطن.  لم يكن وطنهم مصرا فحسب.  لقد كانت كل ديار الاسلام وطنهم.  حتى البرادعيين (صنّاع البرادع أى السروج) من أهل مصر.  لقد أخذ البرادعيون دورهم بكل همة واقتدار فى صناعة البرادع للخيل والبغال والحمير المشتركة فى الحرب على التتار.  بئس برادعيّوا اليوم دلاديل الغرب من أدعياء السياسة وأدعياء النخبوية وأدعياء التحررية والعلمانية والحداثية ومناهضوا الاسلام وشريعته.

انّ قطز الذي كان يتحلى بإرادة القتال معتصما بحبل الله كان عازما ومصرا على قتال التتار مهما تحمل من مشاق ومهما بذل من تضحيات ومهما لاقى من صعاب.

انّ اصرار قطز على مهاجمة التتار خارج مصر، وعدم بقائه في مصر، واختياره الهجوم دون الدفاع، واستبعاده خطة الدفاع واصراره على نقل المعركة خارج مصر مكرّسا لمبدأ الهجوم خير وسيلة للدفاع، هو الذي جعل رجاله قادة وجنودًا في موقف لا يؤدي إلا إلى النصر أو الشهادة فى سبيل الله.  ذلك مما جعلهم يستبسلون في الحرب عند ملاقاة العدو.  لم يكن أمامهم في حالة الهزيمة غير الإبادة والإفناء.

إنّ قطز لم يجاهد ليتولى السلطة.  لقد تولى قطز السلطة من أجل الجهاد.  انّ إيمان قطز بالله واعتماده عليه وتوكله عليه وإيمان المتطوعين في جيشه من المجاهدين الصادقين الذين خرجوا طلبًا للشهادة كان له أثر عظيم في إحراز النصر.  إنّ أثر قطز والمجاهدون معه في معركة عين جالوت كان عظيمًا.

  حين اطمأن قطز إلى نصر الله فى معركة عين جالوت على التتار ترجّل عن فرسه.  مرّغ وجهه في التراب تواضعًا لله.  سجد لله شكرًا على نصره.  حمد الله كثيرًا وأثنى عليه ثناءً عاطرًا.

  هذا هو القائد المسلم.  لم يصبه الغرور ولم يعز النصر الى نفسه أو الى براعته فى القيادة والقتال.  هذا هو الرئيس والملك والسلطان المسلم.

لقد كان انتصار المسلمين على التتار في "عين جالوت" انتصارا لعقيدة قوية وايمان راسخ من القائد وجنوده.  رحمك الله يا قطز ورحمكم الله يا رجال قطز يا جند الله المخلصين.

 

لم تمض أسابيع قلائل حتى طهّر قطز وجنوده كل بلاد الشام من فلول التتار.  ولم تتطهر مصر فى القرن الواحد والعشرين بعد سنتين من ثورتها من فلول النظام المتغوّل الفاسد.  ولم تتخلص الشام بعد عام كامل من القتل والتشرد والخراب من نظام حاكم مجرم قامع سفاك للدماء.  رتب قطز أمور البلاد وأناب على دمشق أحد رجاله ثم خرج من دمشق عائدًا إلى مصر.  وصل القائد السلطان قطز إلى "القصير" ولم يبق بينه وبين "الصالحية" - المعسكر الذي حشد فيه قواته قبل التحرّك لقتال التتار – الا قليلا.  رحلت قواته إلى جهة الصالحية فتربص به بعض أمراء المماليك فانقضوا عليه وقتلوه على مقربة من خيمته.  كان ذلك يوم السبت 16 من ذي القعدة سنة 658 هـ - أكتوبر- 1260م.  لم يمض يومين على قتله حتى حلّ "بيبرس" مكانه باسم الملك الظاهر.  فجعت الرعية وأسفت وحزنت حزنا شديدا.  دفن قطز في موضع اغتياله واستشهاده.  لم تدم سلطنة قطز على مصر الا سنة واحدة إلا يومًا واحدًا.

كان قطز بطلاً شجاعًا مقدامًا حسن التدبير.  يرجع إلى دين وإسلام وخير، كما قال فيه الذهبي.  كان له اليد البيضاء في جهاد التتار فعوّض الله شبابه بالجنة ورضي عنه.  لقد كان قطز صادقًا عزيز النفس كريم الأخلاق مجاهدًا من الطراز الأول.

قُتل قاهر التتار مظلومًا.  خسر روحه وربح الدنيا والآخرة.  سجّله التاريخ في أنصع صفحاته.  رحمه الله وجعل الجنة مثواه.  جعله قدوة صالحة فى قلوب قادة العرب والمسلمين.  فما أشبه غزو التتار بغزو اليهود الصهاينة، وما أشبه دعم الصليبيين القدامى للتتار بدعم أحفادهم للصهاينة.  ما أحوجنا اليوم إلى مثله قائدًا يتخذ الهجوم مبدأ ولا يركن الى الدفاع.  يتخذ العمل منهجًا ولا يكتف بالكلام. لا تشغله الدنيا ولا عرضها ولا ملذاتها ولا نساء موسادها عن الاخلاص للأمة والجهاد فى سبيل الله.  يقاتل العدو الصهيوني في الأرض المحتلة ولا ينتظر أن يقاتله العدو في أرضه.  يطلب الموت حتى توهب له الحياة.  حياة الدنيا وحياة الآخرة، والآخرة خير وأبقى!

 

تتار اليوم بعد أن اعتنقوا الاسلام ودخلوا فى دين الله أفواجا.
أعلنت وزارة الشؤون الإسلامية بـ"تتارستان" إمكانية إنشاء أول حزب إسلامي في "روسيا"، كما كشف المندوب التعليمي بوزارة الشؤون الإسلامية "فالي الله ياكوبيف" أن قوانين الإنتخاب الجديدة في "روسيا" ستسمح بإنشاء أحزاب إسلامية في المستقبل.

وصرّح "ياكوبيف" أن كلاً من النواب والأحزاب السياسية بالبرلمان الروسي ليسوا ضد الإسلام، بل على العكس من ذلك، فإنهم على إستعداد لحماية الأديان السماوية والمسلمين!!!

فى الوقت الذى تحارب فيه الشريعة الاسلامية ومن يحملها ومن ينادى بها من فلول النظام البائد ومثقفوه ونخبه وراقصاته وفنانوه وأثريائه وأكثر رجال أعماله فى بلد قطز هازم التتار.

 

انّ خيبة أمة المسلمين فى مصر والأقطار العربية اليوم والتى كانت قد نشرت الاسلام فى ربوع آسيا وأوربا لم تبتلى بها أمة من قبل.  اننا بلد الأزهر صحيح، ولكننا أيضا بلد "النخب" من العلمانيين والليبراليين واليساريين والشيوعيين والفنانين والكرويين الذين يناهضون الاسلام بكل ما أمدتهم شياطينهم من قوة الشر.  ان شئت أن تعجب فاعجب بأنّ قوانين الانتخاب فى روسيا تسمح بانشاء أحزاب اسلامية، بينما بلد الأزهر تقاضى الأحزاب فى المحاكم، وما أدراك ما المحاكم، لرفعها شعارات اسلامية.  مجرد رفع شعارات اسلامية "الاسلام هو الحل".

أيها المنهزمون المتخاذلون، لقد أوردتم شعوبكم موارد الذل والقهر والمهانة.

انّ الاسلام لن يكون الا هو الحل، رغمت أنوفكم وأفواهكم وذقونكم وجباهكم.

انّ الاسلام لن يكون الا هو النصر، رغمت أنوفكم وأفواهكم وذقونكم وجباهكم.

وتحارب "النخب" فى مصر مجرد الاشارة الى الشريعة الاسلامية، فى بلد الأزهر وفى بلد 86 مليون مسلم و 4 مليون نصرانى، فى دستور الدولة المسلمة ومنارة الاسلام فى العالم. "تجاهد" تلك القلة الضئيلة من "النخم" لفرض سياستها وارادتها وأخلاقها وأحلامها ومروقها وفسوقها واعوجاجها على الأغلبية الساحقة الماحقة من الشعب المسلم.  هل رأيتم مثل ذلك الجنون فى أية دولة أو أمة أيها الناس؟

أيها الملوك، أيها الأمراء، أيها الكبراء، أيها الوجهاء، أيها الرؤساء، أيها العلمانيون، أيها الليبراليون، أيها البرادعيون، أيها الحدثيون، أيها المستغربون، أيها النخب، أنتم تتخذون عدوكم أسيادا لكم وتتمسّحون فى أعتابهم وتوردونا معكم موارد الذل والمهانة، وها هم يتخذونكم كلابا تلعق أحذيتهم. ثم تتسيدون على الشرفاء من بنى جلدتكم؟؟؟!!!

انّ ذلك الغرور الكاذب والافتراء يستحيل أن يؤدى الى نصر فى حرب أو فى غير حرب مهما كانت الأسلحة والعتاد والتكنولوجيا اذا انصاع له النظام الحاكم الذى أتت به الشرعية الدستورية وارادة الأمة.  أيها الحكام الشرعيون لا تحيدوا عن شريعة الله ولا تجاملوا ولا تربتوا على كتف سفيه ولا حاقد ولا تافه ولا رويبضة ولا مزوّر ولا لص ولا منتفع من نظام فاجر ولا عميل للعدو.  اننا يجب أن نقرأ التاريخ.  اننا لم نر فى حياتنا المتواضعة التى عشناها أن نجح يوما مفتر ولا ظالم ولا فاسق ولا عميل ولا دلدول للعدو ولا كاره لدينه وشريعته ولا قاطع طريق على الاسلام وشريعته.  بل على النقيض، اننا نرى آيات الله ماثلة حية قائمة قاطعة تقول كل يوم وكل حين وكل عصر:

 " وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَىٰ"

انّ ذلك المنهج المعوجّ اذا اتبعته الأمة كان من دواعى ومن عوامل ومن أسباب هزيمتها حتى ترجع.  أيها "النخب" لا تخيّبوا الأمة ولا تعرقلوا مسيرتها فى طريق الاستقامة والفلاح والنصر. لا تفرضوا "نخمكم" على الخلق أيها "النخب".  انكم أول من تدركون أنكم على الباطل وأول من تدركون أنكم لم ولن تقبضوا على شىء.  فى الدنيا حفنة ملاليم وفى الآخرة عذاب مقيم.  انكم ان أصررتم على المضىّ بعيدا عن الله فستكونون عوامل فساد وعوامل هدم وعوامل تفسّخ وعوامل انحلال وعوامل هزيمة.

 

 

 

تتارستان تعدادها اليوم 3,774 مليون نسمة عاصمتها "كازان" تضم 70 مجموعة عرقية أكبرها التتار(50%) والروس (40%)، وهى أكثر الجمهوريات تطورا من الناحية الاقتصادية فى الاتحاد الروسى وتمتلك أكبر قوة علمية. معقل تجميع سيارات "لادا" الايطالية وصناهة الشاحنات وتكرير البترول. خضع التتار للغزو المغولى عام 1237 م. عرف التتار كأحفاد "بلغار الفولجا" الذين اعتنقوا الإسلام عبر التأثيرات الدينية التي جسدتها التجارة والرحلات من آسيا الوسطى إلى الإقليم والعكس. لقد تم التمهيد لاعتناق "البلغار" للإسلام بفضل السفارة التي أرسلها الخليفة المأمون، التي خرجت من بغداد عام 922م.

 

 

 

 

منغوليا (اللون البرتقالى) أصل المغول أو التتار تقع بين الصين وروسيا. تعدادها الآن 3,133 مليون نسمة  منهم نحو 300 ألف مسلم. عاصمتها  "أولان باتور".

 

 

والى لقاء فى الجزء التالى

محمد هاشم عبد البارى

1 ديسمبر 2012

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق