توفى إلى رحمة الله تعالى الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد البارى يوم 5 يناير نسألكم الدعاء له بالرحمه والمغفرة

الأربعاء، 27 فبراير 2013

كانت ممنوعة من النشر-حرب القمح المستورد /أ . د محمد هاشم عبد البارى

بسم الله الرحمن الرحيم
 
 
 
كانت ممنوعة من النشر
 الأستاذ الدكتور
      محمد هاشم عبد البارى   
 أستاذ الحشرات الاقتصادية
    كلية الزراعة – جامعة الاسكندرية
hashem_200374@yahoo.com
 
حرب القمح المستورد
 
فى الحادى عشر من مايو  2009 تقدم أحد نواب مجلس الشعب المصرى (وهو الصحافى مصطفى بكرى) بطلب عاجل حول دخول شحنة قمح روسية - قال انها فاسدة - الى ميناء سفاجا يوم 24 ابريل 2009 على متن باخرة روسية . وقال أنّ ادارة الحجر الصحى رفضت دخول الشحنة التى يبلغ حجمها 65 ألف طن لمدة ثلاثة أيام وحذّرت من مخاطرها على الصحة العامة ، ووصفها مسئولوا الحجر الصحى بالميناء بأنها
 "موبوءة" لاحتوائها على حشرات ومواد ضارة .  ومنذ ذلك التاريخ وحتى الآن لم تهدأ زوبعة دخول القمح الروسى المستورد "الفاسد" حيث تبادلت الوزارات والادارات والهيئات المعنية الاتهامات بالمسئولية عن دخول القمح الفاسد وأدلى كلّ بدلوه ، سواء كان متخصصا أم غير ذلك . ثم ذكرت احدى الصحف اليومية فى 21 مايو 2009 أن هيئة الرقابة الادارية فى السويس بدأت فى اجراء تحقيقات موسّعة حول دخول شحنة من القمح الأمريكى تبلغ 42 ألف طن ملوثة بالحشرات عبر ميناء
 الأدبية، وكانت نفس الصحيفة اليومية قد أعلنت قبل ذلك مباشرة - فى 19 مايو 2009- عن "استنفار فى الموانىء للتصدى لصفقات القمح "الفاسد"، مشيرة الى رسالة ذلك القمح الأمريكى المشار اليه وغيره من الأقماح الروسية الداخلة الى الموانى المصرية المختلفة.  لقد كثرت الأنباء عن "القمح الفاسد" و "والقمح المسرطن" وغيرهما من الأوصاف التى يوصف بها القمح المستورد  باعتباره غير صالح للاستهلاك الآدمى .
 
الحشرات والفطريات أسباب الفساد
ولكن دعونا نتعرف على أسباب فساد وتلف حبوب القمح والحبوب الآخرى . انّ أهم عوامل الفساد والتلف هى ارتفاع نسبة المحتويات المائية (الرطوبة) فى الحبوب ، والنموات الحشرية والأكاروسية والفطرية فى الحبوب ، وغزو الفئران والجرذان للحبوب.  فتعتبر الحشرات سببا رئيسيا للخسائر في القمح والحبوب الأخرى المخزونة.  فهى تقوم من خلال وضع البيض والتغذية بتدمير الحبوب ، وتعمل كناقلات لنشر كثير من أنواع الكائنات الدقيقة كالفطريات والجراثيم والسموم الفطرية، وهى تلوث الحبوب أيضا بافرازتها وفضلاتها وأجسامها الميتة .
 
من ناحية أخرى يعتبر التلوث بافرازات بعض أنواع من حشرات المخازن –  مثل خنافس الدقيق التابعة لعائلة حشرات "تينيبريونيدى "Tenebrionidae  هو المشكلة الرئيسية للإصابة أكثر منه الفقد في الوزن ، حيث تتعرض الحبوب ومنتاجاتها مثل الدقيق لمركبات الكينون Quinons التي تطلقها تلك الحشرات، وهي افرازات كيميائية دفاعية في صورة سوائل طيارة لاذعة ومهيَجة.  ولايقل عدد هذه المركبات عن 13 مركب مختلف للحشرة الواحدة، وهي تعطي الحبوب والدقيق رائحة مميزة نفاذة ، وتسبب أوراما فى كبد وطحال الفئران وغيرها من حيوانات المعامل مع حدوث طفرات.  هذا ولم يتم دراسة تلك التأثيرات في الإنسان بصورة واضحة بالرغم من أنه معروف أن هذه المواد تسبب له الصفراء والأنيميا والهزال والبول المدمم.  فضلا عن ذلك فان لتلك المركبات تأثير سلبى على الصفات  التكنولوجية للعجين الناتج من القمح والدقيق المصابين بتلك الأنواع من الحشرات، حيث تقل مطاطيتة ويتقطع أثناء التخمر ويتفتت الخبز الناتج منه، ويصبح ذو رائحة نفاذة ولون داكن، لأن هذه الافرازات تغيّر لون الدقيق من الأبيض إلى القرنفلي.  ولا تتأثر تلك الافرازات بحرارة الخبيز، فتبقى فعالة وشديدة الضرر حتى في المخبوزات نفسها.  وحتى وجود الحشرات وحدها وتكاثرها في الحبوب - ولو كانت ذات رطوبة مناسبة للتخزين - يؤدي إلى رفع مستوى الرطوبة ودرجة حرارة الحبوب من خلال أنشطة الحشرات مما يجعلها مناسبة للنموات الفطرية .
 
خنفساء "ترايبوليام كاستانيام" من عائلة "تينيبريونيدى" المفرزة لمركبات الكينون
وهى احدى خنافس الدقيق وتصيب القمح والحبوب وكثير من المنتجات الغذائية
 
وتعتبر العلاقة بين الحشرات والفطريات والبكتريا في النظام البيئي للحبوب المخزونة علاقة حميمة ومعقدة ، فتعمل مخلفات الحشرات المتغذية على الحبوب ليس فقط  كمصدر للتلوث ولكنها توفر أيضا الغذاء للنمو البكتيري.  إنّ فهم هذة العلاقة من ناحية تلف وفساد الحبوب لن يساعد على خفض الخسائر الإقتصادية فحسب، وإنما يمكن أن يساعد كذلك على تفادي مخاطر محتملة على صحة الإنسان والحيوان المستهلك.  ولذلك فإن استخدام تلك الحبوب المصابة كغذاء للإنسان يكون مصدرا للمشاكل الناجمة عن تلوث المنتجات بأجسام الحشرات وفضلاتها.  إنّ استخدام الحبوب المصابة لتغذية حيوانات المزرعة قد يكون أحد الخيارات في بعض الأحيان، ولكن هناك فاقدا اقتصاديا لا يمكن تعويضه والذي يحدث بسبب نقص كمية الحبوب  و/ أو  تقليل اختبار الوزن ( خفض الوزن لكل أردب).  وفضلا عن زيادة الخسائر الناجمة عن خفض القيمة التسويقية عند البيع فإن الحشرات التي تتغذى على الحبوب تعمل على زيادة نمو الفطريات والعفن كما سبق.
 
وتفرز فطريات العفن التي تنمو على الحبوب الرطبة أو التي ساء تخزينها سموما تسمى الميكوتوكسينات Mycotoxins – أى السموم الفطرية -  كنواتج ثانوية لنموها.  والميكوتوكسينات مركبات كميائية يوجد منها الكثير وكل نوع من الفطريات ينتج أنواعا محددة من تلك المركبات،  ولكن قليل منها هى التي تفرز بصفة منتظمة في الغذاء وفي علائق الحيوانات كالحبوب والبذور.  ورغم ضآلة كمياتها الا أنّ لتلك الميكوتوكسينات تأثيرات شديدة الخطورة على صحة الإنسان والحيوانات الزراعية، وهى ترتبط بالمحاصيل المريضة أو المتعفنة.  وقد يكون لبعض تلك الميكوتوكسينات المحمولة على الغذاء تأثير حاد فتظهر أعراض المرض الشديد سريعا جدا.  وقد يكون لبعضها الآخر تأثيرات مرضية مزمنة وتراكمية على الصحة تستغرق زمنا أطول.  منها تشجيع السرطان ونقص المناعة.  ولا تزال المعلومات عن الميكوتوكسينات المحمولة على الغذاء بعيدة عن الاكتمال، ولكن هناك ما يكفي لتصنيفها كمشكلة شديدة الخطورة فى مناطق كثيرة من العالم حيث تسبب خسائر اقتصادية فادحة.  ومن تلك الميكوتوسكينات سم الأوكراتوكسين أ  (Ochratoxin A) ،  وهو مسرطن لحيوانات التجارب المعملية والخنازير،  وينتج من فطر "أسبرجيللاس أوكريشياس Aspergellus ochraceus" ومن فطر "البنسليوم" في القمح والشعير والحبوب الأخرى .  ومنها سم "الفيومونيزن ب1(Fumonisin B1)"، وينتجه فطر "الفيوزاريوم مونيليفورمFusarium moniliform " في الأذرة ، وهو سام وقاتل للخيول.  وهناك سموم "الزيرالينون "Zearalenone من بعض فطريات "الفيوزاريام" في القمح والأذرة، وهي عامل مسرطن للإنسان وتؤثر في الجهاز التناسلى لإناث الخنازير.  و مجموعة سموم "الافلاتوكسينات  Aflatoxins"هى سموم تطلقها بعض سلالات فطريات "الاسبرجيلاس Aspergillus"، ويؤدى استهلاك كميات ضئيلة من تلك السموم إلى الموت خلال 24 ساعة.   ولقد صنعت سموم "الأفلاتوكسينات" لنفسها اسما وأهمية خطيرة  فى عام 1960 عندما قتلت 100,000 ديكا روميا في بريطانيا بسبب أكل الفول السوداني العفن.  وهي قادرة على احداث السرطان في الفئران، والعضو المستهدف الرئيسي لتلك السموم هو الكبد فهى تقتل خلاياه.  إنّ الذرة التي تحتوى على مستويات 20 جزء في البليون (20 جم في الألف طن ) أو أعلى لا يمكن السماح ببيعها تجاريا بين الولايات المختلفة في أمريكا، ولايسمح مطلقا باعطائها للدواجن أوحيوانات المزرعة ولا للخنازير فضلا عن الحيوانات المنتجة للألبان، ولايسمح بالطبع بطحنها أو تصنيعها للاستهاك الآدمي.  ولايزال هناك الكثير الذي يمكن قوله عن سموم فطريات أعفان الحبوب مما لايتسع له المقام.
 
فطر "أسبرجيللاس فلافاس" وجراثيمه – التى تشبه حبات الفلفل الأسود- مكبرا- وهو يفرز سموم "الأفلاتوكسنات" المسرطنة فى الحبوب وغيرها كمواد ناتجة عن أيضه
 
انّ نسبة المحتويات المائية الحرجة لنمو فطر "الأسبرجللس فلافاس" – على سبيل المثال -  فى حبوب فول الصويا هى 15 ـ 15,5% وللفول السودانى 8 ـ 9 %، والحد الأعلى للرطوبة اللازمة لنمو ذلك الفطر وانتاجه لسم "الأفلاتوكسين" هى نحو 30%.  وينمو ذلك الفطر ببطئ تحت 13 درجة مئوية وبشكل سريع على درجة 37 درجة مئوية، ولكنه لن ينتج سموم "الأفلاتوكسينات" على درجات حرارة أقل من 13 درجة مئوية أو أعلى من 42 درجة مئوية.  وتحت الظروف المثلى للنمو فانّ مستويات منخفضة من سموم "الأفلاتوكسينات" يمكن أن ينتجها فطر "الاسبرجللس فلافاس" خلال 24 ساعة،  أما الكمية المؤثرة بيولوجيا فيمكن انتاجها خلال أيام قليلة .
 
وتنمو الفطريات الأخرى ذات السمية على الحبوب على محتويات رطوبية 17 ـ 40 % وعلى مدى واسع من درجات الحرارة من تحت درجة التجمد (الصفر المئوى) لبعض الأنواع من فطريات "البنسليوم" الى ما فوق 55 درجة مئوية لبعض الأنواع من فطريات "الأسبرجللس".  انّ نوعية الحبوب وملائمتها للتخزين تتأثر تأثرا سيئا بالمحتويات الرطوبية العالية، وبالتلف الفيزيائى للحبوب كالكسر والشق والخدش وبالتلف الحرارى، وبمدى غزو فطريات التخزين للحبوب قبل الشروع فى تخزين الحبوب.  انّ عوامل الخطر المشجعة لانتاج سموم "الأفلاتوكسينات" فى الحبوب قبيل الحصاد هى دفئ أو سخونة الجو، ورطوبة الجو، وأجهاد النبات بالجفاف، والتلف بالحشرات.  تلك الظروف هى الأكثر شيوعا، أما انتاج سموم "الأفلاتوكسينات" فيمكن أن يحدث فى أى مكان.
 
انّ كل الأعفان (الفطريات) المنتجة لتلك السموم توجد بصفة شائعة فى التربة والمنتجات الزراعية وأتربة الحبوب وتراب المنازل.  وتوجد جراثيم الفطريات فى كل مكان وفى كل وقت حولنا فى جوّنا وعلى أجسامنا وأيدينا وعلى حوائطنا.  وقد قدرتها بعض المراجع بما يصل الى 100000 جرثومة لكل متر مكعب من الهواء.
 
حبوب قمح مصابة بشدّة بفطر "أسبرجيللاس فلافاس" ويرى جراثيم الفطر المخضرّة على سطح الحبوب والتى تحوى كمية قاتلة من سم "الأفلاتوكسين".  بالطبع هذه الحبوب لا تصلح لأى شىء الا لاستخراج السموم واستخلاصها من الفطر. انّ 20 ملليجرام من ذلك السم فى الطن الواحد من الحبوب يجعلها غير صالحة للاستهلاك الآدمى أو الحيوانى.
 
و الأكاروسات هي عناكب مجهرية بالغة الصغر.  ولعلّ المزارعون أكثر إلماما بأشهر الأكاروسات لديهم في الحقول وهو أكاروس "العنكبوت الأحمر" الذي يصيب كثيرا جدا من المحاصيل والفاكهة.  ولدينا هنا أشهر أكاروسات الحبوب والدقيق والذي يسمى "بحلم الحبوب والدقيق Acarus siro".   انه لا يرى بالعين المجردة ولكنه يوجد بأعداد هائلة عند توفر الظروف من ارتفاع نسبة رطوبة الحبوب،  وعلى جسم أكاروس الحبوب شعرات طويلة تسبب تهيج  جلد وأنسجة الانسان والحيوان عند الملامسة.  وتتسبب إصابة الحبوب والدقيق الشديدة بالأكاروسات في ارتفاع درجة حرارتها وانبعاث رائحة كريهة مميزة،  وانخفاض نسبة الدهون والفيتامينات في الحبوب، وقتل أجنة الحبوب  فتضعف مقاومتها للحشرات والفطريات وتموت الحبوب فى النهاية فتكون غير قابلة للانبات والزراعة.  كما يسبب استهلاك الحبوب المصابة بالأكاروسات اضطرابات هضمية للإنسان والحيوان، وتحدث تهيّجات جلدية شديدة للإنسان والحيوان عند ملامستة للأكاروسات، فضلا عن تفاعلات حساسية في المجارى التنفسية لكليهما عند التعرض لأتربة الحبوب المصابة  التى تحوى أجسامه الميتة وجلود انسلاخه وبرازه،  مسببة لمرض الربْو الشعبى.
 
انّ تدنيس القمح ببراز الفئران يلوثه بنوعين من بكتريا السالمونيلا التى تسبب التسمم الغذائى للانسان.  ويحوى بول الفئران الجراثيم الحلزونية لميكروب "ليبتوسبيرا" والذى يظل فعالا وقادرا على العدوى لفترات زمنية طويلة اذا ما وجد فى حبوب رطبة فى رسائل القمح والحبوب المستوردة أو الحبوب المحلية سيئة التخزين.
 
 
وبذور الحشائش أيضا
 
انّ كل أقماح العالم تختلط بحبوبها بذور حشائش مختلفة منها السام ومنها غير السام، وهى تعتبر آفات حشائشية حقلية متوطنه فى بلادها. وحتى القمح المصرى تختلط حبوبه ببذور حشائش متوطنة فى أراضينا الزراعية، وقد يوجد أولا يوجد كل أنواعها أو بعض أنواعها فى زراعات القمح فى الدول الأخرى.  وتكمن خطورة بعض بذورتلك الحشائس فى سميتها للانسان والحيوان والدواجن المستهلكة للقمح اذا لم يتم التخلص منها، وتكمن خطورتها أيضا فى امكان انتشارها فى الأراضى الزراعية وتوطنها فى الدول المستوردة.  ولقد رصدّت أكثر من 57 نوعا مختلفا من بذور الحشائش فى القمح الأمريكى  على مدى ثلاثين عاما.  وقبل عملية الطحن تقوم المطاحن بالتخلص من تلك البذور ومن الأتربة والحجارة والمواد المعدنية والأجسام الحشرية وغيرها تبعا لطرز أجهزتها وكفاءتها.  وتكمن خطورة بذور الحشائش تلك فى بيع المطاحن لمخلفات الغربلة لتجار العلف فى مختلف المحاافظات فيتم خلطها مع الأعلاف أو تغذية الحيوان والطيور والدواجن عليها مباشرة.  ومن ناحية أخرى فان تلك المخلفات -  والتى معظمها بذور حشائش غريبة وكسرالحبوب وفتاتها – وهى فى طريقها الى المحافظات والقرى والنجوع وحظائر الماشية ومزارع الدواجن فانها تتسرب الى الأراضى الزراعية فتنبت وتنمو وتزدهر وسط نباتات محاصيلنا، فضلا عن أنّ الحيوانات الزراعية لاتستطيع هضمها أو التأثير على حيويتها فيطردها الحيوان مع الروث والفضلات كما هى فتكون صالحة للآنبات فى الأرض الزراعية، وتصبح آفات حشائشية جديدة على البيئة الزراعية المصرية ويصعب التخلص منها وتستهلك خصوبة التربة على حساب المحاصيل المنزرعة.
 
انّ الحشرات التى تهاجم الحبوب يمكن أن تنشأ الاصابة بها فى الحقل
 قبل الحصاد حيث أنّ بعض الأنواع المدمرة للحبوب تهاجم حبوب القمح والشعير على سنابلها فى الحقل أو تهاجم حبوب الذرة وغيرها على كيزانها فى الحقل.  كذلك فانّ الفطريات المنتجة للسموم يمكن أن تهاجم الحبوب وتلوثها بسمومها قبل الحصاد.  انّ عوامل الخطر لانتاج سموم الفطريات فى الحبوب قبل الحصاد تكمن فى تعرّض الحبوب لدفء الجو أو سخونته مع رطوبة الجو، وتكمن كذلك فى اجهاد النبات بالجفاف ، وتكمن أيضا فى تلف الحبوب بالحشرات قبل الحصاد.  تلك الظروف فى الحقل وقبل الحصاد هى الأكثر شيوعا.  أما انتاج سموم "الأفلاوكسينات" فيمكن أن يحدث فى أى مكان كالحوائط الرطبة أو المبتلة على سبيل المثال.
 
وصْم القمح بالفساد
 
ولذلك لا يصح أن نوصم قمح أى دولة – كنوعية لقمح هذه الدولة - أنه فاسد بصفة عامة ونعمم ذلك على دولة بعينها أو مجموعة دول الا اذا اشتهر عن تلك الدولة سوء تداول وتخزين القمح أو الحبوب.  فلكل رسالة قمح أو ذرة أو غيرها من الحبوب والبقول ظروفها التخزينية ومدى الحفاظ عليها عند التخزين والتداول والنقل والشحن والابحار.  ولقد ظللنا نحن نأكل أسوأ ما تنتجه وما تخزنه الولايات المتحدة من قمح على مدى ثلاثين عاما ولم يتجرأ أحد على الاعلان عن ذلك باستثناء المقالة التى نشرتها فى جريدة "آفاق عربية" فى السادس عشر من مايو 2002 تحت عنوان "حرب القمح الأمريكية مع مصر ... شاهد عيان" بعد ما طفح الكيل.  انّ ملايين الأطنان من القمح الأمريكى كانت تدخل فى بطوننا وبطون أطفالنا وبطون مواشينا وطيورنا ولم يتكلم أحد.  وكانت أغلب رسائل هذا القمح الأمريكى تأخذ رتبة "مسوّس" فى تقارير المعاينات والفحص التى كنت أقدمها.  ومع ذلك كانت تلك الرسائل تتفاوت فى مدى خطورتها على الصحة ومدى تسوّسها وانحطاط رتبتها تبعا لظروف الحقل وظروف التخزين فى المخازن والصوامع فى بلد المنشأ.  فلقد كان يرد الينا القمح الأمريكى المهمل وسيء التخزين .
اننى أرى أنّ الحملة الاعلامية على القمح المستورد هى حملة غير موضوعية لما يأتى :
 
حملة اعلامية غير موضوعية
 
1 ـ انّ الحملة الاعلامية التى قادها اعلامى كبير وظف فيها كل امكاناته ومهاراته ومواقعه فيها، ولم ينبس ذلك الاعلامى ببنت شفة حين نشرت أول مقالة فى مصر عن القمح الأمريكى فى مايو 2002.  ولم يعلق أحد على المقالة الخطيرة باستثناء الاعلامى الأستاذ حمدى قنديل الذى أذاعها فى برنامج "رئيس التحرير" وطلب منى الحضور الى البرنامج للمناقشة فى ندوة مع أحد المسئولين فى وزارة الزراعة على الهواء فوافقت على أن أحاور مسئول كبير فى وزارة الزراعة.  ولكنّ وزارة الزراعة وقتها (على رأسها يوسف والى) رفضت الحضور للبرنامج للرد على مقالتى فأحجمت عن المشاركة.  أضطر الأستاذ حمدى قنديل الى الاستعانة بأحد أساتذة جامعة القاهرة ليتحاور هو معه والذى قال فى برنامج رئيس التحرير أنّ كل شئ تمام وسوف نزرع القمح فى أثيوبيا ونستبدل البطاطس بالقمح على مائدة المواطن المصرى!!!  ولقد أثرت مسألة القمح الأمريكى والاكتفاء الذاتى من القمح بمحاضرة فى مؤتمر كبير للقمح أقامته نقابة الزراعيين فى محافظة البحيرة عام 2004 ولم يتكلم أحد ولم يطنطن أحد بفساد القمح الأمريكى.  ثم أثرت نفس الموضوع بمحاضرة كبيرة فى مؤتمر جامعة المنيا عام 2005.  وقد نشرت الأهرام الاقتصادى ذلك الموضوع وعلقت الصحافية الأستاذة سكينة فؤاد فى على ذلك فى جريدة الأهرام ولكن ذهبت جهودى وجهودها أدراج الرياح .
 
2 ـ منذ أن بدأنا فى استيراد القمح من الولايات المتحدة ـ  بعد معونة كامب ديفيد الأمريكية ـ وبرغم أننى كنت أؤكد فى تقاريرى عن معاينة البواخر وفحص الشحنات من مختلف الموانىء باصابة تلك الأقماح بالحشرات وغيرها واعطاؤها رتبة "مسوّس" - لم ترفض مصر للولايات المتحدة أية شحنة قمح الا شحنة كان حجمها 26 ألف طن على الباخرة
 "ديزرت كينج" عام 1987.   وبعد أن اكتشف الحجر الزراعى بالاسكندرية وجود بذرة قطن أمريكى مختلطة بالقمح وأكدّت أنا على ذلك فضلا عن أننى أكدت وشددت على عدم صلاحيتها لشدة الاصابة
 الحشرية رفضت مصر تلك الرسالة بسبب بذرة القطن وليس بسبب الاصابة الحشرية الشديدة الخطورة.  والمرة الثانية فى يونيو 2007 حيث رفضت مصر رسالة قمح أمريكى حجمها  62 ألف طن وجدت بها اصابة حشرية.
 
3 ـ منذ ذلك التاريخ الأخير (يونيو 2007) زادت وزارة التجارة الخارجية من  تنويع مصادر القمح ، فبدأ استيراد القمح من دول الاتحاد السوفييتى السابق منها روسيا الاتحادية وأوكرانيا وطازجكستان وغيرها.  ثم بدأ التشكيك والطعن فى تلك الأقماح فى حملات اعلامية مغرضة وشرسة. وكنت من قبل أتكلم عن القمح الأمريكى عن دراسة وتحاليل لمدة 30 سنة فى الوقت الذى لم يكن فى وسائل الاعلام الا حملة كبيرة باهظة التكاليف عن "جودة القمح الأمريكى" المزعومة  وشعاره الذى ملأت به الصحف والمجلات والتلفاز وعبوات منتجات الحبوب المختلفة وكل وسائل الاعلام وصدّعت به رءوسنا.
 
4 ـ ان تلوث القمح حشريا وفطريا شئ مختلف عن الصفات التكنولوجية للقمح وصلاحيته للخبيز وعمل الكعك وصناعة المكرونة وغيرها من المصنعات الغذائية النشوية، وان كان للاصابة بأنواع محددة من الحشرات علاقة بذلك كما سبق الذكر.  فقد يكون القمح ممتازا ونظيفا حشريا وفطريا ولكنه لايصلح لصناعات غذائية معينة ، وقد يكون القمح صالحا لكل الصناعات الغذائية ( من حيث نسبة البروتين والجلوتين والنشا وغيرها ) ولكنه ملوث حشريا وفطريا وغير صالح للاستهلاك الآدمى أو الحيوانى.
 
5 ـ ويبدو أن الحملة على القمح الروسى وغيره من الأقماح الشرقية والاسلامية هى جزء من "حرب القمح" بسبب التنافس على مصر التى تعتبر أكبر ثانى مستورد للقمح العالمى بعد اليابان (وكان المورّد لمصر أمريكيا منذ وطوال ثلاثين عاما) .  اذن فهى حرب تجارية بامتياز والجانى فيها هى  تشكيلة من دول موردة للقمح (الولايات المتحدة) ودلاديلها ومروجوها من الاعلاميين المستفيدين دولاريا ومستوردين للقمح والضحية هو الشعب المصرى الذى أصيب بالهلع.  وقد ذكرت جريدة الشروق الجديد ـ العدد 110 ـ بتاريخ 21 مايو 2009ـ  "اعتبر وزير التجارة والصناعة رشيد محمد رشيد تضارب المصالح بين مستوردى القمح سببا فى الجدل الكبير أخيرا حول القمح المستورد من روسيا والذى أتهمه بعضهم وعلى رأسهم أعضاء بالبرلمان بأنه قمح فاسد، وقال
 رشيد: "أن هذا التضارب ربما يؤدى الى ترويج الشائعات الخاطئة".  وفى اشارة واضحة الى مستوردى القمح الأمريكى، استطرد رشيد قائلا، وفقا لبيان الوزارة: "وارداتنا من القمح الأمريكى انخفضت بشكل كبير بعد التوجه لاستيراد القمح من دول أخرى مثل روسيا وأوكرانيا".  أما جريدة الدستور ـ العدد 690 الاصدار الثانى ـ الثلاثاء 9 يونيو 2009 ـ فقد نشرت تحت عنوان "رشيد : لم أصرح بأن قضية القمح وراءها صراع مصالح .. واعادة شحنة واحدة من مئات الشحنات دليل على وجود الرقابة":  "ونفى رشيد أيضا أن يكون قد وصف القضية فى بدايتها بأنها صراع مصالح بين الشركات المتنافسة ـ حسبما نشر فى بعض الصحف على لسانه ـ من أن صراع المصالح بين الشركات خاصة الأمريكية قد يكون هو السبب فى اثارة هذه القضايا بينما لم تنف الوزارة ما نشر"!!!
 
6 ـ وفى ذلك السياق ( الصراع ) أعلنت جريدة الشروق الجديد ـ العدد 108 ـ الثلاثاء 19 مايو 2009 ـ تحت عنوان "السويس تستقبل قمحا أمريكيا به 18 نوعا من الحشرات .. الزراعة (وزارة الزراعة):  الحشرات ميتة وغير ضارة" ومهمة الصحة "تحديد مدى صلاحيتها للاستخدام الآدمى" .  لقد اكتشفْت أنّ الخبر كان ملفقا فى تفاصيله حيث اقتطع الخبر مقطعا من مقالى عن "حرب القمح الأمريكية مع مصر .. شاهد عيان"بجريدة "آفاق عربية" عام 2002 - والذى نشرته أيضا فى محاضراتى فى كل من مؤتمرات القمح فى نقابة الزراعيين بالبحيرة وبجامعة المنيا ومؤتمر "أزمة القمح ورغيف الخبز" فى نقابة الزراعيين بالاسكندرية -  وساقته جريدة "الشروق الجديد"على أنه خبر جديد فى كلام مرسل غير محدد كما يلى: "وكشف مصدر مهم بادارة الميناء (ميناء الأدبية) عن وجود تعليمات مشددة صدرت لمنع دخول القمح الأمريكى الذى بدأت مصر فى استيراده فى الفترة الأخيرة"، وأردفت الصحيفة: (بعدما اكتشف أنه يحوى حوالى 18 نوعا مختلفا من الحشرات التى تهاجم الدقيق ومنتجاته ، كما يأتى ملوثا بحيوان ميكروسكوبى الحجم يسمى "أكاروس" سواء كان حيا أو ميتا ، كما يأتى مصابا بمجموعة أخرى من حشرات الأعفان التى لاتهاجم الحبوب الا اذا ساء تخزينها وتعرضت للرطوبة والتلف وهى خمسة أنواع ، فضلا عن الصرصور الأمريكى وغيرها من الآفات الحشرية الحقلية الميتة مختلطة بالحبوب، وهى مالاتقل عن 50 نوعا منها آفات خطيرة) . هذا المقطع من المقالة بين القوسين كان جزءا بالنص و بالحرف من مقالتى عام 2002 فى جريدة "آفاق عربية" والذى كان يتكلم عن الأقماح الأمريكية كلها بصفة عامة (حيث قد لاتحوى الرسالة الواحدة من القمح كل تلك الآفات)، وانتزعوا هذا المقطع وساقوه فى صورة خبر جديد يوم 19 مايو 2009 ـ صفحة 3.  ولايعرف الانفر قليل من المقربين الىّ بأن ذلك كلامى بالحرف عام 2002 عن القمح الأمريكى.  اذن فى اطار تلك الحملة المسعورة من جميع الأطراف يزيّن لهم الشيطان تلفيق الأخبار دون ما وازع من ضمير.
 
7 ـ فى ذلك السياق أيضا وفى اطار تلك الحملة الضارية الخاطئة أخذوا محاضرتى الأخيرة فى مؤتمر "انتاج القمح .. وأزمة رغيف الخبز" ـ مايو 2008 ـ بعنوان "مخاطر الاعتماد على استيراد القمح" ونشروا منها أجزاء مشوهة خرجت من سياقها تحت عناوين صارخة خاطئة عن القمح الأمريكى، وذلك فى صحف مختلفة لم أعرف منها الاصحيفة واحدة، ولم أعرف عن الباقى الا سماعا من بعض الأصدقاء والزملاء الذين انهالت منهم الاتصالات الهاتفية.  فقد  كان المانشيت فى تلك الصحيفة: "خبير زراعى: مصر تستورد القمح الأمريكى ويحتوى على 50 نوعا من الحشرات المميته. د.محمد هاشم: الدولة تتعاقد على أقماح من المرتبة الثانية .. والأمريكى الأسوأ" . ولم أذكر يوما فى كتاباتى أو محاضراتى عن "حشرات مميتة" مطلقا حيث لايوجد فى القمح حشرات مميتة.  وذكروا أننى أرسلت لهم رسالة بذلك ولم أرسل أية رسالة لأية جهة.  ولاأعرف ماذا كتبوا أيضا.  والسؤال هو لماذا كتموا الأنفاس من قبل ولم يتجرأ أحد على الخوض فى القمح الأمريكى عندما نشرت عنه عام 2002 فى جريدة "آفاق عربية" وفى المؤتمرات وفى ورش العمل فى الجامعات والنقابات؟
 
8 ـ انّ هناك مشكلة أخرى تتعلق بالضبط والتقاضى.  فالذى يحدث أنه بمجرّد أن يرى موظف الصحة أية حشرة حية فى القمح أو غيرة يصدر القرار من وزارة الصحة بفساده ويذاع بأنه مسرطن وبعدم صلاحيته للاستهلاك الآدمى وترفع قضية جنحة على الجهة المالكة للقمح.  ويستمر التقاضى شهورا طويلة بل وسنوات فى أغلب الأحوال.  وينجم عن ذلك أن تصبح الحشرة الواحدة فى الكيلوجرام من ذلك القمح البائس والمحجوز عليه تصبح مئات الحشرات فى الكيلوجرام ويفسد القمح بالفعل ويتم اعدامه.  وفى واقع الأمر أن مجرد وجود الحشرات لايفسد القمح ولاغيره من الحبوب الا اذا وصلت كثافة الحشرات حدا معينا.  ولايوصم القمح أو غيره من الحبوب بأنه "مسوّس" الا اذا كانت هناك حشرات معينة مثل سوس "سيتوفيلاس" وخنافس "رايزوبرثا دومينيكا" وبكثافة محددة وهى لاتفرز مواد مسرطنة.  وهناك حشرات أخرى مثل خنافس عائلة "تينبريونيدى" لا يجعل وجودها القمح "مسوّسا" ولكنها تفرز مواد مسرطنة تجعل القمح غير صالح عند كثافة معينة من تلك الحشرات.
 
سوس "سيتوفيلاس أورايزى" على حبوب ذرة مصابة بها ويلاحظ التدمير الذى أحدثته بنخرها وأكلها محتويات الحبة.  انها توصم الحبوب بالتسوّس اذا وجدت هى أو الثقوب التى تحدثها بحدود محددة، ولكنها لا تفرز مواد مسرطنة.
 
ان وصم القمح وغيره من الحبوب بعدم الصلاحية والفساد والسرطنة بمجرد رؤية حشرة حية ـ وهو وصم خاطئ جاهل ـ يكبّد مصر خسائر فادحة من مئات الألوف من الأطنان -  من القمح المحلى المحترم أو القمح المستورد -  بمليارات الدولارات  كل عام بسبب الفهم الخاطئ والقرار الخاطىء ورد الفعل الخاطىء والاجراء الخاطىء،  وبسبب طول مدة التقاضى وعدم الاسراع فى اسناد الأمر الى المتخصصين الفعليين أصحاب الخبرة فى كليات الزراعة للبت فى الموضوع فى أسرع وقت ممكن.  انّ الخسائر ليست قاصرة على صاحب القمح ان كان مستوردا فردا أو شركة أو مؤسسة وانما مصر كلها هى الخاسرة فعلا.  فعلى سبيل المثال وليس الحصر فى أحدى القضايا المماثلة (وما أكثرها) ضبطت وزارة الصحة كمية من الذرة البيضاء المحلية ـ التى تخلط مع القمح فى الرغيف المدعم ـ  فى مخازن أحدى شركات المطاحن الكبرى فى قطاع الأعمال ـ حيث وجدوا فيها سوسا حيّا وأسند البت فى صلاحية هذا الذرة الىّ وفحصته ووجدت أنّ لوطّا واحدا فقط (لوط Lot = كومة أو كمية) من بين 69 لوطا (جملتهم 1624 طنا) كان يحوى سوسا لايزيد عن سوسة واحدة حيّة فى الكيلوجرام الواحد من الذرة ،  وقرّرْت بضرورة تبخيره لكى يصبح مع بقية كل اللوطات صالحا للاستهلاك الآدمى.  ولكنّ القائمين على وزارة الصحة أخذتهم العزّة فى تشخيصهم وقرارهم ولم يسمحوا للشركة صاحبة الذرة بالتصرف فى الذرة سواء بالطحن أو البيع أو حتى لتغذية الحيوان، وطالت مدة التحفظ على الذرة والقضية فى أروقة المحاكم الى أكثر من سنتين.  وبعد تلك الفترة الطويلة ـ أكل السوس والفئران ذلك الذرة ـ ففسد تماما وأصبح غير صالح لا للاستهلاك الآدمى أو الحيوانى أو للاستخدام فى الصناعات غير الغذائية حيث أصبح كتلا من السموم بالغة الخطورة، وانحطّ وزنه من بعشرات من الأطنان بالتآكل بالحشرات وأصبح كتلا من الأعفان وامتلأت أرضية المخزن بأكوام السوس وفضلاته كالرمال.  ومن الطريف المحزن المبكى أن يعود مفتشوا وزارة الصحة الى نفس هذا الذرة بعد السنتين ويرفعون على الشركة جنحة بتبديد الذرة المتحفظ عليه لانخفاض وزنه واتهام الشركة بتبديده، فى حين أنّ هم والحشرات المسئولون عن ذلك ويتهم أمناء المخزن بذلك!!!  ويعود أمناء المخزن المساكين ليطلبوا منى تقريرا بأن السوس والفئران هى السبب فى انحطاط الوزن والا فالسجن محققا والبيوت ستخرب لسنوات لا يعلمها الا الله ووفقت الى انقاذهم بفضل الله!!!   وفى جميع تلك القضايا لايتورط فيها الا أمناء المخازن البسطاء.  انّ مايجرى على القمح والحبوب ومنتجاتها من مثل ذلك "السيناريو" ينطبق على المواد الغذائية الأخرى.  فيلزم الاسراع فى البت فى صلاحيتها، حتى يتقرر بأسرع ما يمكن أن كانت تلك المواد صالحة فتسوّق فى الحال أو غير صالحة فعلا فتستخدم استخدامات غير آدمية يقررها الخبراء أو تعدم فى الحال.  وحتى فى حالة عدم صلاحيتها والقرار باعدامها فانها قد تتسرّب على الأرجح الى المستهلكين بطريقة أو بأحرى ولذلك قصة أخرى!  انّ ذلك "السيناريو" لتلك المأساة يتكرر كثيرا ويسرى على القمح سواء كان محليا أو مستوردا ويكلف مصر مليارات من الجنيهات والدولارات.  وكثيرا ما يتعامل القضاء مع تلك القضايا كقضايا رأى عام بلا موضوعية.
 
9 ـ انّ الحشرات والفطريات وعوامل الفساد الأخرى لاتفرّق بين قمح أمريكىّ "فاخر كما يزعمون" -  أو قمح روسىّ أو أوكرانىّ أو مصرىّ.  فيمكن أن نزرع نحن القمح المصرى المحترم ـ وهو أجود قمح فى العالم على الاطلاق ـ ولكننا نسئ تداوله وتخزينه فتعيث فيه الحشرات والفطريات والفئران فسادا فنخسره.  انّ ذلك يحدث بالفعل ويتكرر فى محافظات مختلفة فى مصر سنويا ثم نشكو ونتوغّل فى الاستيراد، وحتى القمح المستورد يساء تخزينه وتداوله للقصور الشديد فى طاقة التخزين فى صوامع حديثة.
 
احدى صوامع الغلال الحديثة طاقتها التخزينية 313 ألف طن من القمح
 
10 ـ انّ المستورد المصرى أو العربى لا يستورد من الخارج أفضل مالديهم أبدا،  سواء قمحا أو حبوبا أو لحوما أو أجهزة أو نعال أو لعب أطفال، وانما غالبا ما يستورد أقل نوعية من أىّ من ذلك ـ على قدر ماله ـ  ليبيعها بأعلى سعر فى مصر. وفى نفس الوقت فانّ أى أمّة من الأمم لن تعطينا أفضل مالديها من أىّ من ذلك مطلقا.  أنّ هذه الأمم المتقدمة تقنيا والمكتفية تطعم شعوبها أفضل مالديها وتسوّق فوائضها للأمم الأخرى، فى حين أننا نفعل العكس حيث نصدّر أفضل مالدينا ـ ومما لايراه أفراد الشعب البسطاء ولا يتمتعون به ـ ونستهلك نحن أقل ما ننتجة جودة، اليس كذلك ؟!
 
11 ـ اذا كانت الحملات الاعلامية الشرسة موجهة للقمح الروسىّ تارة والأوكرانىّ والاسلامىّ تارة والأمريكىّ (مؤخرا) تارة فى حرب مستوردين وفى حرب اعلامية وفى صراع تجارى دولى تقرره الولايات المتحدة، واذا كانت تلك الحملة الهائلة تروّع المستهلكين البسطاء فى مصر أو تودى بصحتهم  فلماذا لاتوجه تلك الأبواق الزاعقة الناعقة  لحث الحكومة على أداء دورها فى التوسع فى زراعة القمح وغيره من الحبوب ،  وأداء مسئوليتها فى التوسع فى انشاء الصوامع الحديثة للحفاظ على القمح وغيره من الحبوب من التلف والفساد ولكى نكف أيدينا عن السؤال وتسوّل القمح وغيره من الحبوب بدلا من المليارات التى تصب صبّا فى القرى السياحية ومدينة الانتاج الاعلامى واعلاميها واستيراد الكماليات غير الضرورية والمشروعات الوهمية الفاشلة؟
 
"مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ"
(سورة فصّلت أية 46)
والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل.
 
 
الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد البارى
                             
السادس من رجب 1430 ه
التاسع والعشرين من يونيو 2009 م
 
 
وبدأ فرج الله على يد الرئيس
الأستاذ الدكتور محمد مرسى
ورجاله:
"الشورى" المصرى يوافق عل قرض سعودي لانشاء صوامع لتخزين القمح
20 فبراير 2013
07:16م   
 
وافق مجلس الشورى المصرى في جلسته التي عقدها اليوم الأربعاء برئاسة الدكتور أحمد فهمى رئيس المجلس على قرار رئيس الجمهورية بشان الموافقة على اتفاقية قرض مشروع الصوامع الأفقية لتخزين الحبوب الموقعة مع الصندوق السعودى للتنمية.
 
وقال المهندس سيد حزين رئيس لجنة الزارعة والرى إنّ قيمة القرض تبلغ 337 مليونا و500 إلف ريال سعودى حوالى "90 مليون دولار امريكى"، وانه يهدف إلى انشاء عدد من الصوامع ذات القاع الافقى المسطح أو المخروطى في عدد من المحافظات ويعتبر هذا المشروع جزءا من خطة طويلة الأمد تسعى إلى انشاء 50 صومعة على عدة مراحل.
 
وأضاف أن اللجنة لن تقبل أى قرض يمس السيادة الوطنية وأن تكون شروطه ميسرة بعد دراسات جدوى واضحة وشفافة ودقيقة كما أنها تشترط على الجهة المقترضة توضيح طريقة السداد وأنه لابد من متابعة أوجه مراحل انفاق القرض حتى انتهاء المشروع من خلال وحدة الاقتراض بوزارة التعاون الدولي.
 
وقال حزين إن الدين العام الخارجى والداخلى وصل إلى 2.1 تريليون جنيه ويكلفنى 45% سنويا كخدمة مشيرا إلى إن مصر تستهلك حوالى 5.18 مليون طن من القمح سنويا وطرق التخزين
***
بدء اتخاذ الخطوات التنفيذية لتمويل مشروع إنشاء "صوامع" في مصر
الخميس 21 شباط 2013،   آخر تحديث 18:18
أعلن وزير التموين والتجارة الداخلية المصري باسم عوده أنه جاري اتخاذ الخطوات التنفيذية لتمويل مشروع إنشاء صوامع فى إطار الشريحة الثالثة من برنامج مبادلة الديون الإيطالية المخصصة للوزارة وقدرها 45 مليون دولار.
***
الجمعة 25/1/2013 م (آخر تحديث) الساعة 10:49 (مكة المكرمة)
الرئيسية: الإقتصاد والأعمال: تقارير اقتصادية: سياسة ناجحة لزراعة القمح بمصر
أشرف عباس: ارتفعت المساحة المزروعة بالقمح هذا الموسم لتصل إلى 3.3 ملايين فدان(الجزيرة نت)
عبد الحافظ الصاوي-القاهرة
 
ففي عام 2011 أعلنت الحكومة المصرية عن وجود زيادة قدرها 20% في الكميات المنتجة من القمح، وفي الأيام القليلة الماضية أعلنت وزارة الزراعة أيضًا عن وجود زيادة ملحوظة في الأراضي التي تمت زراعتها بالقمح هذا الموسم لتصل إلى 3.3 ملايين فدان، بزيادة قدرها 275 ألف فدان عن العام الماضي.
 
ويرى الخبراء أن زراعة القمح بعد الثورة شهدت اهتمامًا من جوانب عدة، أهمها السياسة السعرية حيث تم رفع سعر إردب القمح ليصل إلى 400 جنيه مصري (الدولار يساوي نحو 6.6 جنيهات).
 
ومما ساعد على نجاح هذه السياسة إعلان السعر قبل موسم الزراعة، مما جعل الفلاحين يقبلون على زراعته لوجود عائد مجزي.
 
السعر المناسب
الخبير في الاقتصاد الزراعي أشرف عباس، أستاذ الاقتصاد الزراعي بالمركز القومي للبحوث الزراعية، صرح للجزيرة نت بأن ارتفاع المساحة المزروعة بالقمح هذا الموسم ووصولها إلى 3.3 ملايين فدان يعد نجاحًا للسياسة الزراعية بعد الثورة، حيث إنها اعتمدت على عدة محاور، منها اعتماد سياسة سعرية مرضية للفلاح. فقد وصل سعر إردب القمح الذي يبيعه الفلاح للحكومة لنحو 400 جنيه مصري، ومما ساعد على نجاح هذه السياسة أن السعر يعلن قبل بدء موسم الزراعة. والمحور الثاني هو نجاح مركز البحوث الزراعية في إنتاج أصناف من التقاوي ذات الإنتاجية العالية.
ولكن
لا يزال الاعلام المصرى المغرض مغرضا
ولا يزال الاعلام المصرى المجرم مجرما
يطنطن بما لا يفعله المناهضون والمحاربون ويغطى على اجرامهم وخطاياهم
ويطمس على انجازات رئيس الجمهورية المحترم المنتخب ورجاله
ولك الله يا مصر
وحسبنا الله ونعم الوكيل
محمد هاشم عبد البارى
17 ربيع آخر 1434ه
27 فبراير 2013
 
 
 

هناك 5 تعليقات:

  1. مكافحة حشرات بمكة
    مكافحة الحشرات من اهم الاشياء التي يجب ان تلجأ لها عند وانتشار الحشرات بمنزلك, ونحن بشركة صقر البشاير شركة مكافحة حشرات بمكة نقوم بابادة جميع انواع الحشرات باستخدام مبيدات حشرية عالية الجودة تخلصك من الحشرات تماماً وباقل الاسعار بمكة والطائف
    اطلب خدمة مكافحة حشرات بالطائف لنصك فوراً
    شركة مكافحة حشرات بمكة
    شركة مكافحة حشرات بالطائف
    اتصل بنا على 0500941566
    http://www.elbshayr.com/3/Pest-control

    ردحذف
  2. شركة مكافحة صراصير بجدة مضمونة
    تغلب الآن على كافة الحشرات والزواحف المنزلية التي تعاني منها خلال المنزل افضل شركة مكافحة الحشرات بجدة التي توفر لعملائها الكرام الخدمة بمستوى عالي من الجودة وخلال افضل العمالة المدربة والخبرة مستخدمين المبيدات الالمانية والامريكية الآمنة والفعالة وتوفير الخدمة بأقل الاسعار فالمنزل شركة مكافحة صراصير بجدة, شركة مكافحة النمل الابيض بجدة, مكافحة بق الفراش بجدة, مكافحة العته بجدة
    افضل شركة مكافحة النمل الابيض بجدة
    http://elmnzel.com/pest-control-jeddah/

    ردحذف


  3. شركة رش حشرات بمكة

    نحن شركة رش حشرات بمكة, نستخدم احدث انواع رش الحشرات في مكافحة الحشرات
    من خلال فرق عمل متخصصة في مكافحة الحشرات,
    كما نقدم لكم خدمة مكافحة بق الفراش بمكة, فنعمل على استخدام احدث الطرق في مكافحة البق و على اكمل وجه
    حيث نقدم لكم خدماتنا باقل الاسعار و ارخص التكاليف و احسن العروض

    مكافحة بق الفراش بمكة

    http://elmnzel.com/pest-control-makkah/

    ردحذف
  4. This is such a great resource that you are providing and you give it away for free. I love seeing blog that understand the value. Im glad to have found this post as its such an interesting one! I am always on the lookout for quality posts and articles so i suppose im lucky to have found this! I hope you will be adding more in the future... Egyptian Pound to money and currency using today exchange rate

    ردحذف