بسم الله الرحمن الرحيم
من آيات الرحمن في الحشرات الواردة فى القرآن
الذباب
يشفى الأحياء ويأكل الأموات:
الجراحة بالدّود
الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد الباري
7777777
الجزء الأول
"دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مصلاه فرأى ناسا كأنهم يكتشرون قال أما إنكم لو أكثرتم ذكر هاذم اللذات لشغلكم عمّا أرى فأكثروا من ذكر هاذم اللذات الموت فانه لم يأت على القبر يوم إلا تكلم فيه فيقول أنا بيت الغربة وأنا بيت الوحدة وأنا بيت التراب وأنا بيت الدّود ...."
ديدان ذبابة المقابر ليوسيليا سيريكاتا
الدود؟ نعم الدود! الدود الذي سوف ينهش لحومنا وشحومنا وعروقنا بعد موتنا ؟! لا تقشعر، ولكن لا تنسى أنك في نهاية الأمر لست إلا طعاما للدود. ولكن أي دود ذلك الذي سوف يقضى على أجسادنا التي لا حول لها ولا قوة؟ هل هو دود الأرض؟ كلا. إن دود الأرض – الذي نبحث عنه لنستعمله طعما لصيد السمك سوف يأتي على أجسادنا في مرحلة لاحقة!
انه لا يتغذى على أجسادنا مباشرة، ولكنه يقتات على المادة العضوية المتخلفة عن أكل دود آخر لأجسادنا. إذن فهو دود الإسكارس؟ كلا أيضا!
ديدان الأسكاريس
فانّ ديدان الإسكارس من الديدان الأسطوانية وهى تحتل أمعائنا الدقيقة ونحن أحياء وتتطفل على أفضل غذائنا المهضوم كما تحتل إسرائيل الأرض الفلسطينية وتتطفل على مقدّرات الشعب الفلسطيني، أنها طفيليات داخلية وتموت بموت الإنسان الذي تحتل أمعائه ولكن فلسطين ستبقى وستموت إسرائيل , ولا شأن لديدان الإسكارس بجثثنا بعد موتنا. لقد أضجرتني، أي دود إذن ذلك التي شغلتنا به؟ سأوضّح لك الأمر حالا!
إن الدود الذي يأكل أجسامنا بعد موتنا هو دود ذباب وخنافس. إذن فهو من الحشرات! وهو طور من أطوار الحشرة. فالحشرات لا تبقى على حالها مثلنا ومثل أغلب الحيوانات التي نعرفها. فهي تتبدل في الشكل والوظيفة والمعيشة من شكل (طورStage ) إلى آخر. والكثير منها – ومنها الذباب والبعوض والخنافس والفراشات والبراغيث والنحل والنمل والزنابير – تبدأ حياتها بالبيض الذي تضعه الأنثى الأم ويفقس البيض إلى يرقات Larvae (دود Maggots) يتغذى ويكبر وينسلخ عدد من الانسلاخات يتحول بعدها إلى خادرات (عذارىPupae ) لا تتحرك ولا تتغذى ولا تحدث ضررا ولا نفعا، وإنما تحدث بداخلها تحولات كيميائية حيوية هائلة تحيل أنسجة وأعضاء الدودة إلى أنسجة وأعضاء كائن آخر يختلف شكلا وموضوعا وهو الحشرة الكاملة اليافعة (Adult) الذبابة أوالخنفساء أو البعوضة أو الفراشة أو البرغوث أو النحلة أو النملة وهكذا! ويختلف غذاء تلك الأطوار الكاملة من الحشرات عن غذاء اليرقات التي نتجت منها. فمثلا دودة ورق القطن تتغذى على أوراق وأزهار القطن ونحو 130 محصول آخر وعلى الحشائش، ولكن الفراشات التي تنتج منها لا تتغذى على ذلك، وإنما تمتلك خرطوما تمتص به رحيق الأزهار والمحاليل السكرية، وإذا دسست لها المواد النباتية التي كانت تأكلها يرقاتها فى المحاليل السكرية ربما تتعثر حياتها وتموت!
ولكن دعنا من بقية الحشرات ولنركّز في ذلك الدود الذي يأكلنا بعد موتنا، انه يرقات الذباب. ولكن أي ذباب؟ هل هو يرقات الذبابة المنزلية التي نمضى أيامنا في هشّها ونشّها؟ كلا!
إن الذباب الذي خلقه الله وذكره تبارك وتعالى في القرآن الكريم أنواع عديدة عديدة وليس نوعا واحدا كما تتوهم. انه أمم كثيرة. فيوجد حولنا نحو 300 ألف نوع من الذباب، وما تعرّف عليه علماء الحشرات ووصفوه ويعكفون على دراسته يزيد عن 120 ألف نوع من الذباب! والذباب المنزلي الذي نذبّه طوال اليوم هو نوع واحد فقط من تلك الأنواع! ويرقاته (دوده) يتغذى على الزبالة والروث والبراز والمواد العضوية المتحللة والمتعفنة الرطبة وجثث الحيوانات والإنسان إذا صادفها. ولكنّ ما نخصه بالذكر في موضوعنا هو ذبابة أخرى من مجموعة أخرى من أنواع الذباب الذي يتغذى على الأنسجة الحيوانية الميتة والمتعفنة والجثث. ويرقاته أي دوده يتخذ من جثثنا مآدب عظيمة وشهية. انه ذباب المقابر. وتتعدد أنواع ذباب المقابر ومنها ذباب اللحم والذبابة الخضراء والذبابة الزرقاء. وكان ضباط أمن الدولة – الذي كان – عندما يعذبون المعتقلين من الإسلاميين يهددونهم بأنهم سوف يخفونهم بحيث أنّ الذباب الأزرق لن يعرف مكانهم!!! وكان ضباط المباحث العامة – التي كانت – أيام عبد الناصر وشمس بدران تهددهم بأنها سترسلهم وراء الشمس !!!
ولكن عموما ينبغي أن نوقن أن الذباب الأزرق والذباب الأخضر يعرف طريقه جيدا إلى جثثنا ولن يضله أبدا. كان المصريون القدماء يخشون على جثث الملوك والكبراء من الدود والتعفن والتحلل فيحنطونها بالمواد الكيماوية السرية، ويلفونها بالقماش المعامل ويضعونها في توابيت فلا يقربها الذباب ، ولكن حديثا ظهرت بدعة حفظ الجثث بالتجميد في النيتروجين السائل ووضعها في كبسولات وإطلاقها بالصواريخ في الفضاء لتدور في الفضاء إلى ماشاء الله. ولكن أين سوف يذهب من الله ذلك الذي حنطت جثته أو دارت جثته في الفضاء؟ "فأين تذهبون". ولكن دعني ألقى نظرة على ذباب المقابر أبطال موضوعنا عن:
"الجراحة بالدود"
إن ذباب المقابر أو الذباب آكل اللحم والجيف أنواع كثيرة، انه أنواع من عائلتين من عائلات الذباب (حشرات ذات الجناحين Diptera) هما عائلة كالليفوريدى Calliphoridae وعائلة ساركوفاجيدى Sarcophagidae. ونركز هنا على الذباب التابع لعائلة كالليفوريدى. وهى العائلة التي تضم الذباب النافخ (ذباب المقابر الأخضر)، وذباب الجيف، والذباب الأزرق، والذباب العنقودي، وهم يشكلون نحو 1100 نوع من الذباب. ولايستعمل إلا أعداد قليلة من ذلك الذباب في "الجراحة بالدود" أهمها ذباب من جنس ليوسيليا Lucilia وذباب من جنس كالليفورا Calliphora . والنوع الأكثر استعمالا في جراحات الدود هو النوع التابع للجنس الأول، وهو يسمى "ليوسيليا سيريكاتا" Lucilia sericata
ذلك النوع نسميه نحن بالعربية بذباب المقابر أو الذباب الأخضر أو ذباب المقابر الأخضر ويسمى في الغرب باسم الذباب النافخ Blow fly أو ذباب الزجاجة الخضراء Green Bottle fly
ذبابة المقابر
ذبابة المقابر "ليوسيليا سيريكاتا" تعتبر ذبابة شائعة في كل أنحاء العالم، وبصفة رئيسة في نصف الكرة الجنوبي، وهى سائدة في أفريقيا وأستراليا ، وهى ساحلية في توزيعها وانتشارها، فهي تفضل المناخ الدافئ الرطب. وهناك أكثر من 160 نوع من جنس ليوسيليا في العالم.
اسم ليوسيليا يطلق على الفتيات وهو غير شائع استخدامه للسيدات من النساء، ومعناه النور أو الضوء، وهو كان اسم زوجة الفيلسوف الروماني لوكريشاس.
تضع ذبابة المقابر الليوسيليا بيضها في اللحوم والأسماك وجثث الحيوانات والجروح الملوثة في الإنسان والحيوان وفى غوائط الإنسان والحيوان. يرقاتها (ديدانها) تتغذى على معظم الأنسجة المتحللة، ولكنها تتركز في الأغنام عندما تهاجم الجروح، حيث تسبب مشاكل كثيرة لمزارعي الأغنام. ولا ننسى أنها تضع بيضها في الأسماك المنتنة في الشمس والمعدّة لتصنيع الفسيخ الذي يغرم به الكثير من النساء اللائي سوف يلتهمن منه أطنانا في شم النسيم غدا ويتبعهم الكثير من الرجال في ذلك - هدانا وهداهم الله- فى شم النسيم ذلك العيد الفرعوني القبطي الذي لا يمت للإسلام بأية صلة !!!
هل تلقى لنا نظرة على حياة تلك الحشرة ؟
نعم، فعندما تضع إناثها البيض في مناطق الجروح أو الجثث أو الأنسجة الميتة أوالمتحللة يفقس البيض إلى يرقات في غضون 8-10 ساعات في الأجواء الدافئة الرطبة إلى نحو 3 أيام في الأجواء الأبرد، والأنثى الواحدة تضع 130-170 بيضة في المرة الواحدة! اليرقات (الدود) يتغذى لمدة 3-10 أيام في الأنسجة المتحللة والميتة أو السمك المعدّ للفسيخ (كلمة فسيخ تعنى سمك متفسخ أي متحلل أي متعفن على وزن خبيث!!). تنسلخ اليرقات داخل البيئة الغذائية التي توجد فيها مرتين، ولها 3 أعمار (كل انسلاخ يؤدى إلى عمر جديد لليرقة)، تتحول بعدها إلى طور الخادرة (العذراء) الذي يستغرق 6-14 يوما تبعا لدرجة الحرارة أيضا (كلما كانت درجة الحرارة أعلى كان الوقت أقل).
دورة حياة ذبابة المقابر "ليوسيليا سيريكاتا" : البيض Eggs الذى يفقس الى يرقات (دود) اليرقة تسمى Larva وهى التى تتغذى على اللحم المتحلل ثم تتحول الى خادرة (عذراء) فى التربة Pupa والتى تخرج منها الذبابة اليافعة Adult
العمر الثالث والأخير لليرقة بعد اكتمال نموه يسقط من الجثث أو البراز أو الفسيخ إلى الأرض على التربة، حيث يتحول إلى الخادرات التي تخرج منها الذبابات الكاملة اليافعة. تتزاوج ذكور الذباب مع إناثها وتضع الإناث البيض خلال أسبوعين، ثم تنتهي حياتها. اجمالى دورة الحياة من البيض إلى الذباب الكامل يتراوح بين 2-3 أسابيع تبعا لدرجة الحرارة والرطوبة. فكلما كانت الحرارة أدفأ والرطوبة أعلى كلما أسرعت دورة الحياة. هذا وتستكمل ذبابة الليوسيليا 3-4 أجيال في كل سنة.
وهل تسبب لنا المضايقات تلك الذبابة ؟
الذبابة اليافعة من الليوسيليا أكبر قليلا من الذبابة المنزلية ، لونها أخضر مزرق معدني لامع، ولها شعر خشن. جناحيها شفافين بعروق بنية. وأرجلها وقرون استشعارها سوداء. لا تدخل البيوت عادة ولا تنجذب إلى الضوء ليلا.
عندما يوجد عدد كبير من الذباب الأخضر داخل المنزل فانه يجب التأكد من وجود مواد جاذبة مثل اللحم المتعفن أو الخضروات المتعفنة أو الزبالة المتعفنة في صندوقها أو فأر ميت أو فسيخ! ويجب التخلص من أي من تلك المواد وعدم أكلها! وهى توجد عادة في أي مكان يحوى لحم ميت أو متعفن أو متحلل أو فسيخ، وليحذر النمّامون والمغتابون حيث ينجذب ذلك الذباب الى أفواههم ليضع بيضه على اللحم الميت الذي يلوكونه فى أفواههم! وتوجد في المزارع وفى المجازر والمسالخ وفى حلقات السمك وفى مقالب القمامة والنباتات المتحللة وروث الحيوانات وأكوام السباخ. وتضع فيها بيضها وفى جروح الحيوانات الحية والإنسان الحي كذلك.
الحشرات الكاملة اليافعة من ذلك الذباب ملقحة للأزهار بصفة عارضة. فهي تنجذب إلى الزهور التي لها رائحة تشبه روائح اللحم النتن – مثل الذين يستهويهم الغيبة والنميمة – مثل أزهار شجرة لوف الحصان الميت (شجرة الببو Paw paw الأمريكية). وهناك قليل من الشك في أنّ الذباب نفسه يستعمل الرحيق كمصدر للسكريات التي تعطيه الوقود للطيران. فهو يتغذى على المواد السكرية وبخاصة الرحيق، ويمكنه أن يستطعم المياه الغازية والعصائر، لذلك فيجب إبعاد تلك المواد عن تلك الذبابة وغيرها وتغطيتها في الرحلات والتنزهات ، فهي قادرة على نشر الأمراض.
والى اللقاء في الجزء الثاني
محمد هاشم عبد الباري
21 جمادى الأولى 1432 ه
24 أبريل 2011
تفسير غير منطقي ولا علمي. ...
ردحذفمعلومات غريبة
ردحذف