توفى إلى رحمة الله تعالى الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد البارى يوم 5 يناير نسألكم الدعاء له بالرحمه والمغفرة

السبت، 31 ديسمبر 2011

الجراحة بالدود-الجزء الرابع / أ . د محمد هاشم عبد البارى

بسم الله الرحمن الرحيم

من آيات الرحمن في الحشرات الواردة في  القرآن
الذباب

يشفى الأحياء ويأكل الأموات:

الجراحة بالدّود

الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد الباري
7777777
الجزء الأول
الحلقة الرابعة


وذبابة "ليوسيليا سيريكاتا" هي واحدة من الطفيليات الاختيارية والتي تسبب التدويد  في الحيوانات المستأنسة العاشبة (أي آكلة الأعشاب والمواد النباتية)، ونادرا ما تسبب التدويد في الإنسان كطفيليات خارجية. والإصابة في الإنسان والحيوانات العاشبة تحدث في الجروح وفى الفم وفى العيون وفى الأنف.  وهى تسبب أكلان وحكة، وألم والتهابات، وتلوث بكتيري ثانوي، واحمرار الجلد، وتزايد الخلايا القابلة للاصطباغ بصبغة الأيوسين الحمراء
( زيادة في أعداد خلايا الدم البيضاء والخلايا القابلة بالاصطباغ بالايوسين في الدم عن 450 خلية/ميكرولتر دم).  وهو يسمى "الايسينوفيليا "eosinophilia  وهى زيادة في أعداد نوع معين من خلايا الدم البيضاء،  وهى من سمات الإصابة بكل أنواع الديدان الحلقية المصحوبة بحالات التهاب،  وهى تعتبر انعكاسا لاستجابات حساسية.  ولقد وجد الدكتور صفر على ورفاقه في إيران شابا من كاشان (26 عاما) له تاريخ 12 عاما في تعاطي الأفيون و3 سنوات في تعاطي حقن الهيروين (ويمكن أن يكون ذلك الشاب في أية دولة في المنطقة أو غيرها من مناطق العالم) وجد في جروح يده اليسرى الناجمة عن الحقن المتكرر 38 يرقة حية من يرقات ذبابة "الليوسيليا سيريكاتا".

 
بالرغم من أنّ التأثيرات المفيدة بعدوى الجروح بالديدان كانت قد عرفت منذ قرون كثيرة إلا أنّ ذلك لم يكن قبل أن يميّز الدكتور زاخارياس Zacharias الأهمية الطبية للدود خلال الحرب الأهلية الأمريكية.  فلقد أدخل يرقات ذبابة "الليوسيليا سيريكاتا" متعمدا داخل الجرح من أجل انجاز عملية التنظيف والتطهير debridement.  ولقد استخدم بير Baer الديدان بنجاح في علاج مرض التهاب النخاع الشكوى في 4 أطفال عام 1930.   وبعد نجاحات كثيرة عام 1930 أصبح العلاج بالديدان قاصرا على الجروح المستعصية،  وذلك بعد إدخال مركبات السالفوناميدات والإنتاج الكبير للبنسللين بواسطة العالم فلمنج Flemming.  ولقد جاء الاستعمال الحالي للدود عام 1980 عندما تم تطوير طرقا أفضل لتعقيم بيوض وديدان ذبابة الليوسيليا، وبعد تدهور الكفاءة السريرية لاستخدام المضادات الحيوية تدهورا كبيرا.  واليوم أصبحت الجراحة بالديدان أقل تكلفة وتعتبر الملاذ الأخير،  ولكنها الخيار الأول في علاج قروح الأرجل،  وقروح الضغط،  والجروح الرضّيّة الملوثة.  إنّ تأثيرات الجراحة بالدود المفيدة لوحظت في القدم السكرية والأنسجة السرطانية malignant بنفس القدر والسهولة في التطبيق والأمان وانعدام وجود آثار جانبية تقريبا.  إن الكفاءة الاستثنائية في تنظيف وتطهير الجرح بالدود يجعل الديدان هي الخط الأول للأداة العلاجية في المستشفى ويجعل المريض "مريضا خارجيا" غير مقيم في المستشفى.  ولقد أوضحت الخبرة الكلينيكية (السريرية) أنّ العلاج بالديدان قد يخفض نفقات العلاج خفضا كبيرا – كما أوضحت سابقا – بتقصير فترة البقاء في المستشفى وبتقليل استخدام المضادات الحيوية.


البتر خير أم الجراحة بالدود ؟!

على عكس بعض الحيوانات غير الثديية (مثل السحالي والوزغ – الأبراص أو البراعص – التي تستطيع أن تفصل ذيولها وتتخلص منها، وحيوانات السلمندر التي تستطيع أن تعيد تكوين أعضاء كثيرة من التي تفقدها، ودودة الأرض أو الديدان المفلطحة مثل الدودة الشريطية – ونجم البحر الذين يستطيعون إعادة تكوين أجسامهم بالكامل من شظايا صغيرة من متبقيات أجسادهم)، فان الإنسان بمجرد فقد أحد أطرافه فانه لا يستطيع النمو بعد ذلك.  ذلك على عكس أجزاء من بعض أعضائه مثل الكبد الذي يمكنه النمو ويستعيض الجزء الذي فقد منه.  وعلى ذلك فان الزرع أو الترقيع هو الخيار الوحيد لاستعادة الطرف المبتورفى الإنسان.

 

في كثير من الدول النامية يعتبر السكري هو السبب الرئيس لبتر الأطراف.  في الولايات المتحدة تصل مخاطر فقد القدم أو الرجل 15-40 ضعفا بسبب السكري.  وتبعا للاتحاد الدولي للسكري فانّ  نحو80000   عملية بتر للطرف السفلى تجرى في الولايات المتحدة سنويا.  فيؤدى السكرى إلى ضعف الدورة الدموية والذي يؤدى بالتالي إلى التلوث والغنغرينا.

ويذكر دكتور جايل رايبر  ورفاقه - سياتل ، الولايات المتحدة – أنّ الإحصاءات من 1983 – 1990 تدل على  أن 6% من نزلاء المستشفيات المسجلين لمرضى السكري مسجلون أيضا لحالات قرح الأطراف.  وأكثر من نصف الذين بترت أطرافهم السفلية في الولايات المتحدة كانوا من مرضى السكري الذين يمثلون فقط 3% من سكان الولايات المتحدة.  ودلت الإحصاءات الآتية من العديد من الولايات على أنّ 9-20% من الأفراد مرضى السكري أجرى لهم بتر للطرف السفلى مجددا خلال 12 شهر من البتر الأول.


وفى دراسة أخرى، قدرت تكاليف علاج السكري في الولايات المتحدة عام 2002 (تتضمن التكاليف المباشرة وغير المباشرة) بمبلغ 132 مليار دولار.  وقدرت تكاليف عمليات البتر المتعلقة بمرضى السكري نحو ثلاثة مليارات في العام ( 38.077 دولار لعملية البتر الواحدة).  وبارتفاع أعراض السكري هناك أيضا ارتفاعا متوقعا في عدد حالات البتر.


التحدي الرئيس فى الجراحات المستعصية

  أنّ مقاومة المضادات الحيوية هي التحدي الرئيس الذي يواجهه العالم اليوم.  فيقول شيتشى أرورا ورفاقه في بحثهم في فبراير العام الماضي 2010 أن المركبات التي يمكن أن توفر الطفرات التكيفية التي تجعل البكتيريا مقاومة لمعظم المضادات الحيوية والتي محل اهتمام كثير من العلماء – وبصفة خاصة تلك التي من الأصل الطبيعي والمستخلصة من النباتات والحشرات والحيوانات – تلقى اهتماما متزايدا مثل نواتج التمثيل الغذائي (الأيض) لديدان الذباب في تلك الحالة.  إنها – تلك المواد وبخاصة الذبابية!!- تستعمل تأثيرها المضاد للبكتيريا لتنظيف الجرح من التلوث البكتيري.  إنّ مجموعات كثيرة من إفرازات ومستخلصات ديدان الذباب أظهرت النشاط المضاد للبكتيريا في أنبوبة الاختبار.  بل وكذلك النواتج الإخراجية الغازية للتمثيل الغذائي المستخلصة من يرقات ليوسيليا كوبرينا  Lucilia cuprina   والموجودة في سنغافورة (أخت الذبابة ليوسيليا سيريكاتا).  ولقد تم غربلة هذه المستخلصات باختبارها ضد بكتيريا "ستافيلوكوكاس أورياس" سيئة السمعة البشعة آكلة لحم الإنسان والمقاومة للمضادات الحيوية ، وضد البكتيريا الخطيرة "ايشّيريشيا كولاى"، فكانت تلك المواد تؤدى إلى طفرات لنمو البكتيريا.  وبالرغم من أنّ تأثيرها القاتل للبكتيريا قد لا يكون كاملا إلا أنّ تأثيرها الابادى للبكتيريا، إذا قورن بالمضادات الحيوية المصنّعة،  كان عظيما،  ونحن في حاجة إلى فهم الجرعات المؤثرة الفعالة.


يالله !!!

يا إله العالمينا يا مجيب السائلينا
هب لنا منك رشاداً وثباتاً ويقيناً
رب جمّلنا بعلمٍ واهدنا دنيا ودينا
واحمنا من كل شر وانشر الخيرات فينا


ما أعدل حكمك وما أبلغ حكمتك يالله !!!

"يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ﴿﴾
 الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ ﴿﴾ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ﴿﴾ كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ ()"

ترى هل كان الإنسان يعلم انه يمكن أن يستذل للدود؟
 بل للعاب وبراز الدود ؟!
الدود الذي يأكل جسده كما يأكل غائطه !
الدود الذي يعفّ على جثته كما يعفّ على غائطه !
الدود الذي يعافه الإنسان ويعاف ذبابه ؟!
هل كان الإنسان يوما يظن أنه سوف يلهث وراء براز الدود ؟!

هل كان بوسع الإنسان الغرّير المتعجرف القاسى الظالم المفترى أن يتخيّل أن الدود ولعابه وبرازه سوف ينقذ ساقه أو قدمه من البتر ؟!

هلا تواضع الإنسان قليلا لخلق الله ؟!
بل هلا تواضع الإنسان قليلا لله ؟!
بل ألا ينبغي أن يتواضع كثيرا وللغاية !
فان لم يتواضع الإنسان لله أذله الله !

هل كان يدرك الانسان يوما أنه سوف يستذل لذلك المخلوق المقرف؟!
هل كان يدرك أي ملك أو أي سلطان أو أي أمير أو أي رئيس أو أي طاغية أو أي طاغوت أو أي متكبّر أو أي متجبّر أن الدود الذي سوف يأكله بعد الموت أنه يمكن أن يكون هو نفسه من ينقذ ساقه أو قدمه من البتر خلال الحياة ؟!

أي إعجاز ياربى وضعته في خلقك ؟!
أي أسرار ياربى أودعتها في خلقك ؟!
أي قوة ياربى أمددت بها اضعف خلقك ؟!
وأي ضعف ياربى أوهنت به أكرم خلقك ؟!

ا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ۖ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ۚ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ"

"ضعف الطالب والمطلوب"

والى لقاء في الحلقة القادمة إن شاء الله

محمد هاشم عبد الباري
23 من جمادى الأولى 1432ه
26 أبريل 2011م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق