توفى إلى رحمة الله تعالى الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد البارى يوم 5 يناير نسألكم الدعاء له بالرحمه والمغفرة

الخميس، 15 نوفمبر 2012

تعلموا من أستاذكم أيها الحكام / بقلم أ . د محمد هاشم عبد البارى

 

تعلموا من أستاذكم أيها الحكام

 

الدكتور مهاتير محمد

 

لا أحسب الحاكم المسلم الماليزى المبجّل الدكتور "مهاتير محمد" الا رجلا مسلما طاهرا مخلصا (بين كوالا لمبور ومكة المكرّمة 6881 كيلومتر!).  لا يتطرق الى ذهنى للحظة واحدة بأنه لص يكنز أموال شعبه فى ماليزيا فى حساباته ببنوك سويسرا وفرنسا وأمريكا.  لا أظنه أبدا أنه قد سولت له نفسه يوما أن يطلق لزوجته الطاهرة ولأولاده العنان فى البيزينس الوهمى ونهب وسلب وأكل أموال الماليزيين بالباطل والافساد فى الأرض أوانفاق أموال شعبه على نساء الهوى.  لا يمكن أن يتطرق الى ذهنى أن يكون جلّ تفكيرة هو الزنى بنساء مخابرات العدو فى نظير التفريط فى أسرار دولته والعبث بأمنها ومستقبلها وتقديم التنازلات المذلة أو مقابل وضع بضع ملايين من الدولارات فى حسابه السرى.  بل من المستحيل أن أتصور أنّ للدكتور مهاتير محمد حسابا سريا فى المصارف الأجنبية ولا حتى المحلية.  بل ربما لا يمتلك الرجل أية مدخرات متواضعة.  انه رجل طاهر، نظيف، تقى نقى، حسن النية، شديد الاخلاص.  تسلم بلاده وصادراتها خمسة مليارات دولار وتركها "بمحض ارادته" بعد 22 سنة وصادراتها 520 مليار دولار.  لم يترك خزانتها خاوية على عروشها ولم يتركها مدينة لأحد ولم يتركها نهبا للاقتراض المذل من صندوق النقد والبنك الدولى الاستعمارى.  لم يتركها بسبب ثورة أو انقلاب أو نفى أو طرد أو قتل أو موت طبيعى أو اعدام . لم يترك حكم ماليزيا قهرا، بل سلخ نفسه سلخا من تعلق شعبه به وحبه له وهو فى ذروة شعبيته!  كان كريم النفس وافر الرفعة والكرامة غنى النفس فأغنى شعبه بعمل يده.  لم يبدد مقدرات شعبه على أمراء وأميرات وملوك وملكات أوربا ورؤساء الغرب ونسائهم بالهدايا والعطايا.  لم يبعثر مليارات ماليزيا من أجل مباريات كأس العالم فى كرة القدم فى بلاده ولا بالرشاوى للظفر بها.  لم ينفق مليما واحدا من مقدّرات شعبه فى نوادى الميسر فى أوربا وأمريكا.  لم يبدد أموال الذين استخلفه الله عليهم فى بناء اليخوت الأسطورية "يستضيف" فيها الساقطات ويحتسى فيها الخمر ويرتكب فيها المعاصى.

 

حاكم مخلص لشعبه وبلده فتناغم معه الشعب.  شعب محترم.  لم يعل عليه أصوات مرجفين ولا مناهضين ولا مثبطين ولا متنطعين. لم يتطاول عليه سفيه ولا مدعى ثقافة ولا مستعلى بالباطل.  لم يكن من بين شعبه المحترم ما يسمى "بالنخبة" نخبت نفسها واختزلت فى ذاتها الحكمة.  لم يترك الشعب أعماله وانبرى للمعاكسة والمناهضة والصدام.  كان جهاز الاعلام على قدر المسئولية ولم تشغله نميمة أوتزوير أوبهتان اوتلفيقات أو دعايات سوداء أو حروب نفسية قذرة عن التلاحم والتناغم والتضافر للنهوض والرفعة والقوة والتفوق.

 

لم يكن لماليزيا حضارة عمرها 7000 سنة.  وحتى لم يكن لماليزيا كدولة موحدة وجود حتى عام 1963.  كانت مستعمرة بريطانية متناثرة الأشلاء واستقلت عام 1957.  ماليزيا دولة اسلامية صحيح لأنّ أكثر من 60% منها مسلمون.  ولكن 19% منها بوذيون و 9% منها مسيحيون و 6% منها هندوس و 5و3% ديانات أخرى.  ماليزيا متعددة الأعراق، منها 62% من "البوميبوترا والملايو" و 24% من الصينيين و 8% من الهنود.  ومع ذلك لم يخرج من بين الماليزيين سفهاء خبيثون مغرضون مرجفون يملأون كل وسائل الاعلام صياحا بأن ذلك الزعيم يريد "مهترة" الحكم والحكومة والشعب والدولة.  لم تخرج أقلية دينية ولا أقلية عرقية لترفع صوتها وتشهر حقدها وتنثر أطماعها على الأغلبية الساحقة.  زوجة مهاتير محمد مسلمة محجبة اسمها "ستّي حازمة محمد علي".  لم ينبر سخيف عديم الحياء والأدب ليملأ الدنيا ضجيجا ونعيقا بأن "ستّى حازمة" لا تشبه الماليزيين ولا تمثل الماليزيين ولا تصلح "كسيدة ماليزيا الأولى"!  خضع مهاتير محمد عام 1989 لعملية جراحية فى القلب وهو فى الثالثة والستين خلال سنوات حكمه (أطول فترة حكم فى قارة آسيا من 1981 الى 2003).  لم يرفع هابط دعوى فى المحاكم يطالب بالكشف الطبى وتحديد مدى صلاحية حالته الصحية  للحكم فى ماليزيا.  كان رئيس وزراء ماليزيا الدكتور مهاتير محمد رجلا عصاميا محترما وكان فى شبابه يمسك مطواة قرن الغزال ويقطّع ويبيع الموز وكان يبيع الوجبات الخفيفة فى شوارع وأزقة ماليزيا.  لم يكن من بين شعبه سفهاء يعايرونه بعصاميته عندما أصبح رئيسا لوزرائهم.

 

كان الشعب الماليزى على اختلاف أعراقه واختلاف دياناته يدا واحدة مع زعيمه النظيف المخلص مهاتير محمد.  لم يكن للشعب الماليزى وقت للترّهات والسفاسف والسفالات التى يختلقها ويحركها ويثيرها منتفعون بالنظام الذى سبقه.  انشغل الشعب الماليزى بالعمل والانتاج.  كان الزعيم مخلصا وكان الشعب واعيا ومدركا لقيمة الزعيم وقيمة الاخلاص فى العمل.  تسلم الرجل ماليزيا وقد كان دخل الفرد 1247 دولار عام 1970 فوصل دخله 8862 دولار قبل تركه الحكم بعام.  كانت نسبة السكان تحت خط الفقر أكثر من النصف (52%) من اجمالى السكان عام 1970 وترك الحكم عام 2003 بعد أن انخفضت النسبة الى 5% فقط عام 2002 وأصبحت ماليزيا تنتج 80% من السيارات التى تسير فى شوارعها.

 

لقد قال لنا ربنا تبارك وتعالى فى كتابه الكريم

"وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ"

(سورة التوبة: آية 105)

 

وقال جل شأنه

"مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"

(سورة النحل: آية 97)

 

وقال عزّ وجلّ

"إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا"

(سورة الاسراء: آية 7)

 

وقال رب العالمين

"إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا"

(سورة الكهف: آية 30)

 

وقال أحكم الحاكمين

"الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ"

(سورة الزمر: آية 18)

 

اللهم اجعلنا من أولى الألباب وأدخلنا فى زمرتهم انك على كل شىء قدير

 

ترى ما الذى كان يستطيع أن يفعله مهاتير محمد وحده فى ماليزيا ان لم يكن شعبه على قدره من التفانى والاخلاص والشعور بالمسئولية، وان لم يضع شعبه أيديهم فى يديه على طريق النهضة؟

 

اننى أحب مهاتير محمد

وأحب شعب ماليزيا

 

محمد هاشم عبد البارى

14 نوفمبر 2012

 

************************************

 

وصلنى من الفاضلة الأخت السيدة

الأستاذة الدكتورة نادية الأنصارى

مهاتير محمد:

أنصح المصريين بعدم الاقتراض من صندوق النقد الدولى.. والبحث عن موارد داخلية لتحقيق النهضة.. المظاهرات والاعتصامات لا تساهم فى خلق مناخ ديمقراطى جيد

 

 

اليوم السابع - الثلاثاء، 13 نوفمبر 2012 - 08:36

 

 

مهاتير محمد

حاوره فى مسقط - محمد سعد

 

 

نصح مهاتير محمد، رئيس وزراء ماليزيا الأسبق، الحكومة المصرية بعدم الاقتراض من صندوق النقد الدولى لأنه فقد صفته الدولية، بسبب سيطرة مجموعة محددة من الدول على سياسته.

 

مهاتير محمد الذى يطلقون عليه لقب «المبجل» فى ماليزيا انتقد كثرة المظاهرات والاحتجاجات الفئوية فى مصر، مؤكدا أنها ضد المناخ الديمقراطى الذى يجب أن يسود مصر فى أعقاب ثورة 25 يناير، وقال فى حواره الخاص مع «اليوم السابع» على هامش زيارته الأخيرة لمسقط إن مصر ليس لديها أى فرصة للفشل بعد الثورة، لأن جميع الدول العربية تنظر إليها باعتبارها نموذجا يحتذى.

 

وعرض مهاتير سبل تطبيق التجربة الماليزية فى الدول العربية وتحديدا فى مصر، خاصة أنه نجح أثناء رئاسته للحكومة الماليزية «من 1981 إلى 2003» أن يحقق نهضة اقتصادية كبرى، ارتفعت معها صادرات بلاده من 5 مليارات إلى 520 مليارا سنويا، حيث حولها من دولة زراعية تقليدية إلى دولة صناعية تساهم الصناعة فيها بأكثر من %90 من ناتجها الإجمالى،

فإلى نص الحوار..

 

أظنكم تتابعون ما يجرى فى مصر من تحول عقب ثورة 25 يناير.. فبماذا تنصح المصريين من واقع تجربتكم الناجحة فى ماليزيا؟

 

- مصر حاليا فى أشد الحاجة إلى الاستقرار، ولن يأتى الاستقرار إلا بتوحّد الاثنين معا «الشعب والحكومة»، ومع أننى أؤمن بأن المعارضة تمثل ظاهرة صحية فإن ما يحدث حاليا من إضرابات ومظاهرات فئوية ليست شيئا جيدا للديمقراطية أو التنمية، فالاعتصامات والمظاهرات التى تنشأ نتيجة الضغوط الداخلية لا تساهم فى إشاعة مناخ ديمقراطى سليم فى المجتمعات، والوصول إلى المناخ الديمقراطى يفرض أولا أن يستوعب القائمون على صنع القرار فى الدولة القيود التى تفرضها عليهم الديمقراطية، لاسيما أن مصر تعيش الآن مرحلة انتقالية ويجب عليها أن تخطط وتحاول بناء نفسها خلال الفترة الحالية من خلال إشاعة الديمقراطية.

 

وعلى الحكومة المصرية الاستجابة للمطالب الشعبية المشروعة حتى يتحقق الاستقرار المنشود فى الفترة المقبلة، والبدء فى تحقيق خطط إنتاجية لزيادة حجم التجارة والاستثمارات.

 

ولذلك يجب أن تكون المظاهرات والاعتصامات الملاذ الأخير الذى تلجأ إليه أى قوة فى حالة وجود مشكلة معينة لأنها تعيق حركة الحياة، فيجب أن تكون الخيار الأخير وليس الملاذ الأول، ويجب أن يسبقها العديد من الخطوات، فالمظاهرات حاليا تعيق حركة الحياة وتعطى انطباعا أن الدولة فى حالة عدم الاستقرار، وفى هذه الحالة لن تتولد فرص العمل المطلوبة، ولن تتحقق الاستثمارات التى نسعى إليها، وسيؤثر بالطبع على السياحة، ومصر فى حاجة لجلب السياحة واستدعاء الأشخاص من الخارج ليروا أن الدولة بحال أفضل وأن الأوضاع تحسنت فى شوارع القاهرة، وأعتقد أن الشوارع تبدو هادئة بالنسبة لى بحد كبير وليست هناك مشكلة حقيقية، وأعتقد أنكم تتمتعون بحالة جيدة من الاستقرار والسلام.

 

وعندما زرت مصر مؤخرا وجدت استقرارا وحالة من الأمن والأمان ولا شىء يهدد الأمن، ومن خلال زيارتى لميدان التحرير.. الميدان الكبير الذى يتسع للكثير.. كان لدى شعور جميل عندما شاهدت هذه المساحة التى تعطى انطباعات بفضاء الحرية والقدرة على التعبير بحرية، وتذكرت الثورة المصرية، الثورة الحقيقية لثورات الربيع العربى فثورة مصر هى الطليعة لباقى الدول العربية، ولذلك فمصر ليس لديها فرصة للفشل بعد ثورة 25 يناير، لأن كل الدول العربية تنظر إليها باعتبارها نموذجا يحتذى به وتحاول تقليده.

 

هناك جدل كبير فى مصر حول قرض صندوق النقد الدولى.. هل الطريق إلى الصندوق أو البنك الدولى هو المسار الأسلم للبناء الاقتصادى؟

 

- رأيى معروف فى هذا الأمر، فأنا أنصح دائما بعدم الاقتراض، وأن يتم اللجوء إلى البدائل الداخلية.. أنا لا أحب سياسة الاقتراض، خاصة أن المقترض يخضع للمقرض، فصندوق النقد الدولى والبنك الدولى ليسا مؤسستين عالميتين بمعنى الكلمة، ولكنهما يخضعان لسيطرة وهيمنة عدة دول فقط، ومن ثم فإن توجههما يصب لخدمة مصالح تلك البلدان.

 

هاتان المؤسستان تسمحان بالاتجار فى العملة رغم أن العملة ليست سلعة فى الواقع، وهذا يتسبب فى إفقار الدول، ومن ثم تذهب للاقتراض من هاتين المؤسستين، وماليزيا رفضت الإملاءات التى حاول صندوق النقد أن يفرضها عليها، وكنت أتمنى أن تكونا مؤسستين ديمقراطيتين بالفعل، وأنا لا أؤمن بالاقتراض على الإطلاق.. وأنصح مصر بعدم الاقتراض واللجوء إلى البدائل الداخلية لتوفير السيولة اللازمة لها، وإذا كانت هناك حاجة ملحة للاقتراض فيجب أن يكون فى أضيق الحدود.

 

هل لهذه الأسباب كانت سياستك فى ماليزيا عدم اللجوء إلى الاقتراض؟

 

- عندما أصبحت رئيسا للوزراء قررت ألا نعتمد فى ماليزيا على المعونات، وأن نعتمد على أنفسنا.. كنا نريد أن نكون مستقلين وألا نكون تحت أى ضغوط من أى طرف، وبالتالى إذا لم يكن هناك أموال كنا سنعيش وفقا لظروفنا، لأننا إذا حصلنا على المال بهذه الطريقة الأخرى يمكن أن نخسر استقلالنا.

 

وأستطيع أن أؤكد لك أن الاعتماد على الموارد الداخلية والذاتية وعدم الاقتراض من الخارج كان أحد أسباب النمو الاقتصادى السريع، الذى حققناه فى ظل الأزمة التى كنا نعانى منها، مع أن البنك الدولى عرض على ماليزيا الاقتراض بفوائد ميسرة، لكننا رفضنا الاعتماد على الغير.

 

هل يمكن أن تكلمنا عن التجربة الماليزية خاصة فى مجال التصنيع؟

 

- فى البدايات الأولى للنهضة الماليزية كانت هناك حاجة ملحة لتوفير فرص العمل ولم يكن لدينا صناعات متقدمة أو تكنولوجيا، وكان علينا التركيز على العنصر البشرى وتوجيه جزء كبير من المخصصات إلى التنمية البشرية، كما عملنا على توفير المناخ المناسب للاستثمار من خلال الإعفاء الضريبى والتحول إلى التصنيع، وكان علينا إعداد القوى العاملة التى يمكن أن تساهم فى تحقيق النمو لبلدنا وتحقيق التحول الصناعى، ومن ثم فقد وجهنا %25 من الميزانية إلى التعليم، ولم يكن لدينا سوى جامعة واحدة، وكان علينا أن نرسل أبناءنا إلى الخارج لتلقى التعليم وتحصيل المعارف، واليوم أصبح لدينا 60 جامعة.

 

هل ترى أن الحل يكمن فى اجتذاب الاستثمارات الأجنبية؟

 

- على الرغم من افتقار ماليزيا لرأس المال والخبرة والتكنولوجيا والمهارات الإدارية والمعرفة بالأسواق فى البداية فقد تحولت ماليزيا إلى التصنيع عن طريقة دعوة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وبمرور الوقت اكتسب الماليزيون التكنولوجيا ومهارات التصنيع ورأس المال والمعرفة بالأسواق، وأصبحوا قادرين على التصنيع بدون اعتمادهم كثيرا على الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ورغم أن ماليزيا كانت فى يوم من الأيام تعتمد على المطاط والقصدير للحصول على العملة الأجنبية، أصبحت نسبة %80 من صادرات ماليزيا اليوم مكونة من سلع مصنعة، كما أصبحت ماليزيا دولة صناعية بشكل شبه كامل.

 

بماذا تنصح الدول التى تريد أن تطبق هذا النموذج؟

 

- الدول الإسلامية الغنية تعوزها الخبرة الصناعية، فكما يطورون بلادهم بالقوى العاملة الأجنبية باستطاعتهم أيضا تحويلها إلى التصنيع باستخدام القوى العاملة الأجنبية، ولكن إن كانوا يعتقدون أن هذا ليس من الحكمة، فباستطاعتهم إذن الاستثمار فى الصناعات الموجودة فى دول إسلامية أخرى تتوفر فيها الأيدى العاملة، وباستطاعتهم شراء التكنولوجيا ثم بعد ذلك تطويرها تماما كما فعل الكوريون.

 

ما رأيك فى حجم التبادل التجارى بين مصر وماليزيا فى الوقت الحالى؟

 

- حجم التبادل التجارى بين مصر وماليزيا ارتفع بعد ثورة 25 يناير، وهناك تعاون فى مجال السياحة والتعليم، كما أن ماليزيا سترسل الكثير من الطلاب للحصول على التعليم فى مصر، لكن بشكل عام لا أعتقد أن هناك الكثير من التفاعل بين مصر وماليزيا بالشكل الكافى أو الشكل الذى نتمناه، ويجب أن يكون هناك تبادل فى الزيارات بين رجال الأعمال المصريين والماليزيين، كما يجب أن تتحسن علاقتنا بشكل أكبر، ويمكن اتخاذ الكثير من الخطوات من أجل زيادة معدل التجارة وغيرها من علاقات التبادل الاقتصادى والتجارى وكل المجالات.

 

ونحن من جانبنا نتطلع أن تكون علاقاتنا جيدة مع مصر والعرب، ونحاول دائما زيادة الاستثمارات الماليزية فى مصر والدول العربية.

 

مع صعود قوى إسلامية إلى صدارة المشهد السياسى فى بعض الدول العربية عاد الجدل مجددا حول نظام الصيرفة الإسلامية فما تعليقك على هذه الصيرفة؟

 

- ليس هناك بلد إسلامى واحد مصنف على أنه دولة متقدمة، كل الدول الإسلامية لا تزال ترتكز وتعتمد على العالم غير الإسلامى من أجل تعزيز نموها، وعلى الرغم من ذلك ندرك جميعا أن غنى المجتمع الإسلامى كبير، ولكن لا يتم توزيع هذه الثروات بشكل منصف، هناك نسبة كبيرة من الفقر بين المسلمين بالرغم من أن ديننا الإسلامى يحثنا على القيام بأعمال الخير تجاه الفقراء.

 

لذلك أصبحت هنالك حاجة ملحة لنظام الصيرفة الإسلامية فى هذا العصر، لتحقيق الاستفادة القصوى من رؤوس الأموال المتوفرة فى العالم الإسلامى، مع العلم بأن الدول غير الإسلامية بدأت تنتهج منهاج الصيرفة الإسلامية إيمانا منها بأهمية هذا النظام فى هذا العصر، لكن لا يمكننا فقط المحافظة على المال، فإذا قمنا بتخزينه تنخفض قدرته الشرائية بسبب التضخم، لذلك علينا أن نوجد طرقا لاستخدام تلك الثروة لكى نحصل على مردود منها ونحاول احتواء تداعيات التضخم.

 

كيف يمكن استخدام الثروة التى يملكها المسلمون وكيف يمكن الاستفادة من العوائد التى ستجنيها الدول المسلمة من اتباع نظام الصيرفة الإسلامية؟

 

- يجب أن تكون هناك استثمارات وتجارة، فمنذ وقت طويل كان التجار المسلمون من أبرز التجار فى آسيا، وكانت سفنهم تحمل منتجات بلادهم وتتم مقايضتها بمنتجات جنوب شرق آسيا، هذه التجارة أدت إلى إغناء المسلمين فى كل مكان، ولم تكن تتضمن أى تعاملات يحرمها الإسلام، ولكن مع مجىء التجار الأوروبيين استطاعوا طرد التجار العرب والهنود من هذه المنطقة، واستطاع الأوروبيون تطوير الخدمات المصرفية، وهذا هو سبب زيادة ثرواتهم وغناهم.

 

ويمكن استغلال الثروات الإسلامية فى إقامة المشاريع الصناعية التى بدورها ستسهم فى تعزيز مصادر الدخل من جهة، وتوفر فرص عمل متعددة من جهة أخرى، ولكن إذا فكروا أنه ليس من الحكمة الاستثمار فى الصناعات الموجودة فى بلدان غير مسلمة فإن الأولى هو الاستثمار فى البلدان المسلمة الفقيرة التى ليست لديها الإمكانيات المالية، لكن لديها القوى العاملة التى تستطيع العمل فى كل المجالات، ومثال ذلك الاستثمار فى مجال الزراعة، حيث تساهم الزراعة فى نمو الكثير من البلدان.

 

هل تلاحظون أن هناك توجها واهتماما كبيرا الآن بإنشاء البنوك الإسلامية؟

 

- إنشاء بنوك إسلامية أصبح أمرا حتميا، حيث أصبحت البنوك الإسلامية اليوم مقبولة على نطاق واسع حتى بين غير المسلمين، لكننا لا يمكن أن نقوم فقط بحفظ المال وعدم ربح أى شىء منه، بل إن الأسوأ من ذلك هو أنه عندما يتم كنز المال فإن قيمته تنخفض من حيث القوة الشرائية بسبب التضخم، فنحن إذن بحاجة إلى إيجاد وسائل لنشر هذه الثروة حتى نحصل على عائد منها، أو على أقل تقدير نلغى تأثير التضخم عليها.

 

الازدهار الصناعى والاقتصادى حققته ماليزيا فى ظل نظام الصيرفة الإسلامية مع انعدام رأس المال والخبرة والتكنولوجيا والمهارات الإدارية ومعرفة السوق وما كان لماليزيا أن تنمو وتتطور صناعيا إلا عن طريق الاستثمار الأجنبى المباشر، وبمرور الوقت اكتسب الماليزيون المهارات اللازمة فى مجال التكنولوجيا ومهارات التصنيع ومعرفة قدرة رأس المال وأهمية السوق المفتوحة، ومن هنا تمكنت ماليزيا من التقدم صناعيا دون الحاجة إلى مزيد من الاعتماد على الاستثمار الأجنبى المباشر.. وتكمن المشكلة التى تواجه جميع المستثمرين فى التردد والخوف من عدم ملاءمة المناخ للاستثمار، والآن وفى ظل الصيرفة الإسلامية لم تعد هنالك أية أسباب تحول دون تطوير المسلمين لدولهم.

 

وقد رأينا كيف استطاعت دول الخليج الغنية تنمية خطوط طيرانها وأعمال النقل الجوى إلى درجة لا تستطيع مثيلاتها فى المناطق الأخرى منافستها.. إنهم بالفعل يسيطرون على صناعة النقل، ليس فقط فى الخليج بل فى كل أنحاء العالم.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق